للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكثرَها في المُتابعاتِ الَّتي يُراد بها التَّقوية، دون الأصول الَّتي هي العُمدة في الاحتجاج، ثمَّ إذا دَقَّق النَّظرَ فيما أنكروه عليهما مِمَّا صَحَّحاه مِن الأحاديث، يجدُ أنَّ أقوالهما في الغالبِ أرجحُ مِن أقوالِ المُنازعين لهما، لا سيما البخاري، فإنَّه أدَقُّ المُحدِّثين في التَّصحيح، ولكنَّه ليس مَعصومًا مِن الغلطِ، والخطأِ في الجرح والتَّعديل .. » (١).

ثمَّ أيَّدَ هذا التَّقريرَ منه بنقلِ اتِّفاقِ أئمَّة العلمِ على صِحَّة الكتابين، وسلامةِ أغلبِ رجالِهما مِن الجرح (٢)، فقال: «جملة القولِ في الصَّحيحين: أنَّ أكثرَ رِواياتهما مُتَّفق عليها عند علماءِ الحديث، لا مجالَ للنِّزاعِ في مُتونها، ولا في أسانيدها» (٣).

ونتيجةً لهذا التَّوصيف، كان جَزمُه بقطعيَّةِ أغلبِ أحاديثِ الكِتابين مِمَّا لا يعلم اختلافًا فيه، كما قد أقرَّ به في قولِه: « .. فمَن فقه ما شرحناه: عَلِمَ أنَّ أكثرَ الأحاديث الأُحاديَّة المتَّفق على صِحِّتها لذاتِها، كأكثرِ الأحاديثِ المُسندَة في صَحيحي البخاريِّ ومسلم، جديرةٌ بأن يُجزَم بها جزمًا لا تَردُّدَ فيه ولا اضطراب» (٤).

وبالتَّالي كانت دعوى نَفاذِ شيءٍ مِن المَوضوعات فيهما عند (رشيدٍ) «بالمعنى الَّذي عَرَّفوا به المَوضوع في علمِ الرِّواية ممنوعةٌ، لا يَسهُل على أحدٍ إثباتُها» (٥).

و (رشيد رضا) مع ما له مِن هذه المواقف النَّاصِعة مِن «الصَّحيحين»، المُوافِقُ هو فيها لمِا عليه أهلُ الحديث قديمًا وحديثًا، يُهوِّش -أحيانًا- على ذلك ببعض العِبارات الجارِحة لجملةٍ مِن أحاديثِهما مِمَّا لم يُسبَق فيه مِن ناقدٍ معتبر،


(١) «مجلة المنار» (١٢/ ٦٩٣).
(٢) «مجلة المنار» (١٢/ ٦٩٣).
(٣) «مجلة المنار» (١٢/ ٦٩٣).
(٤) «مجلة المنار» (١٩/ ٣٤٢).
(٥) «مجلة المنار» (٢٩/ ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>