للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَصادر التَّلقِّي النَّقليَّة (١)، لاهِجًا باتِّباعِ نهجِ السَّلفِ الصَّالحين (٢)، مُحتذِيًا لكلامِهم في الدَّلائلِ العقلِيَّة، وذلك في أواخِر إصداراتِ مَجلَّتِه.

كان مِن جميلِ ما قرَّره مِن ذلك قوله:

«ما شَرَع الله الدِّين للنَّاسِ، إلَّا لأنَّهم لا يَستغنون عن هدايتِه بعُقولهم، ومَن كان يُؤمن بدينٍ مُنزَّل مِن عند الله، لا يُمكن أن يَقبل ما يوافق عقلَه، ويرُدَّ ما لا يُوافقه مِن المسائلِ الَّتي يعتقدُ أن الله فَرَضها عليه ..

فمَن فَعَل ذلك، كان غير مُتَّبع لدينٍ يُؤمن به قطعًا، وإنَّما يكون مُتَّبعًا لهواه بغير هُدًى مِن الله، فوظيفةُ العقلِ: أن يعلمَ ويفهمَ ليعمل، لا أن يَتَحكَّم في دينِه .. ثمَّ إنَّ عقولَ النَّاسِ تختلفُ اختلافًا كثيرًا فيما يُوافق أصحابَها وما لا يُوافقهم، وذلك يقتضي أن يكون لكلِّ فردٍ مِمَّن يُحكِّمون عقولَهم في الدِّين دينٌ خاصٌّ به! وللمَجموع أديانٌ كثيرةٌ بقدرِ عددهم!» (٣).

وقد جاء إنكارُه شديدًا على مَن أسقطَ اعتبارِ حديثٍ في «الصَّحيحين» بنَظَرِه العقليِّ المُجرَّد، فاشتدَّ على أحدِ من وقعَ في ذلك مِن الأُدباء، مُشنِّعًا عليه بقولِه:

«لا عبرةَ بكلامِ مثلِ الشَّيخ عبد العزيز جاويش في إنكارِ حديثٍ ولا في إثابتِه! فإنَّه ليس مِن علمِ الحديثِ في شيءٍ، وهو جريءٌ على القولِ في الدِّين بالهَوى والرَّأي، حتَّى إنَّه أنكرَ بعضَ أحاديث الصَّحيحين بغير علمٍ، فهو يُنكر ما لا يُوافق عقلَه ورأيَه» (٤).


(١) وإن كان رشيد قد وَقَع أحيانًا في لَيِّ أعناقِ بعض النُّصوص الشَّرعية، والإبعادِ بمعانيها عن مُراد صاحبها، فقد رَفَض انتهاج هذا في مواطن كثيرة، بل بيَّن خطر التَّأويل المُتعسِّف على الدِّين، وتَلاعب أهلِه بنصوص الشَّرع، ولم يَره جائزًا إلَّا عند عدم القُدرة على دفع الشُّبه عنها، فإنَّه -على كل حالٍ- خيرٌ من الكفر كما يقول، وذلك في «تفسير المنار» (٣/ ١٧٤).
(٢) كما تراه لائحًا في مجلته المنار (٨/ ٦٢٠)، وفي رسائِله الأخيرة المسمَّاة بـ «السُّنة والشِّيعة».
(٣) «مجلة المنار» (٣٤/ ٧٥٧).
(٤) «مجلة المنار» (١٧/ ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>