للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُجرَّدة- يُعرِّض الإسلامَ كلَّه للضَّياعِ؛ إنَّ دواوين السُّنةِ وثائق تاريخيَّة مِن أحْكَمِ ما عَرَفَت الدُّنيا» (١).

فلأجل هذه الَّآلي المنثورة في غير موطنٍ من كُتبه، أُسجِّل رَفضِي القاطعَ لتُهَمةِ بعضِ جُفاةِ المُشتغِلين بالحديثِ لهذا العَلَم النَّبيل بالتَّشكيكِ في السُّنةِ وعَداوةِ أهلِها (٢)؛ أعاذَه الله مِن هذا العار، وهو الَّذي سَخَرَّ حياتَه للذَّبِ عن حِياضِ نبيِّه صلى الله عليه وسلم، والارتشافِ مِن كَوثرِ سُنَّتِه، وإن أخطأَ تَلمُّسَ الحقِّ -أحيانًا- في سَبيلِ بلوغِ ذلك.

فانظر إلى صفحةِ وجهِه المُغضب، كيف يُعلِنُها حرْبًا على مَن تُسَوِّل له نفسُه زَحْزحة السُّنةِ عَمَّا بَوَّأها الله مِن مَكانةٍ وهو يقول: « .. إنَّ مِن حَقِّنا أن نغضَبَ لتَطاوُلِ البعضِ دون بصيرةٍ عِلميَّةٍ، على أصولِ الإسلام، ومَصادِر ثقافتِه، والجريِ وراءَ الاستعمارِ الثَّقافي في التَّطويح بالسُّنَن، والتَّهوين من رِجالها؛ والسُّنَةُ هي الاستحكاماتُ الخارجيَّة حول أسوارِ القرآن، فإذا تَمَّ تدميرُها، فدَوْرُ القرآنِ آتٍ بَعدها، وذاك أمَلُ المُستشرقين المُبشِّرين، وسائرِ أعداءِ الدِّين» (٣).

فهل يُقال للمُتكلِّم بهذا بأنَّه طاعِنٌ في السُّنة، مُخاصِمٌ لأهلِها؟! اللَّهم غُفرًا.

والأنصفُ من هذا الحَيْف ما أجمَلَه صاحبُه وصفيُّه (القَرَضاويُّ) في كلامٍ قعيدٍ له، يقول فيه عنه:

«رُبَّما أسْرَف الشَّيخُ في ردِّ بعضِ الأحاديثِ الثَّابتة، وكان يُمكِن تَأويلُها، وحَملُها على معنى مقبولٍ؛ وربَّما قَسا كذلك على بعضِ الفئاتِ، ووَصَفهم ببعضِ العباراتِ الخَشِنة والمُثيرة، وربَّما استعَجَل الحُكمَ في بعضِ مسائل، كانت تحتاجُ إلى بحثٍ أدقٍّ، وإلى تحقيقٍ أوفى.


(١) «ليس من الإسلام» (ص/٣٠ - ٣١).
(٢) كما تراه -مثلًا- مِن ربيع المَدخلي في كتابه «كشف موقف محمَّد الغزاليِّ من السُّنة وأهلها» (ص/٥).
(٣) «مقالات الشيخ محمد الغزالي في مجلة الوعي الإسلاميَّة» (ص/٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>