للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويزيد ابن حَجرٍ وصفَه له: «فيه مِن شِدَّة الغِيرة ما يُوازي الآدميَّ، ولا يَتَعدَّى أحدُهم إلى غيرِ زوجتِه، فلا يَدَعُ في الغالبِ أن يحمِلَها ما رُكِّب فيها مِن الغِيرة، على عقوبةِ مَن اعتدَى إلى ما لم يختَصُّ به مِن الأُنثى» (١).

وقد ثبَتَ اليومَ فيها أفعالٌ تَدلُّ على ذَكاوَتِهم، وقِصَصُها شَهيرة فيما يَبثُّه الإعلامُ مِن برامج، يَتعَجَّبُ منها كلُّ ذي عَيْنين؛ وقد وَقفتُ بنفسي على دراسةٍ عِلميَّة حديثةٍ شاهدةٍ على ذلك، أُجرِيَت في حديقة وطنيَّةٍ بغربِ أُوغَندا، أظهرت: تَشابهًا مَلحوظًا في السُّلوكِ الاجتماعيِّ بين ذكورِ (الشَّامْبَانزِي) والإنسانِ، إلى الحَدِّ الَّذي تَتَجنَّب فيه زواجَ الأقاربِ مِن أصولٍ وفروعٍ!

بل أثبتَ الباحثونَ مِن نفسِ المَحميَّة، نتائجَ دراسةٍ مُلَخَّصُها في اثني عشرة صفحةٍ، استغرقَ إجراءُها تسعَ سِنينَ، توصَّلوا فيها إلى: أنَّ قِرْدَ (الشَّامْبَانزِي) الذَّكَر فيه مِن (الغِيرة الجِنسِيَّة) ما يُصبح به عُدوانيًّا عند الاشتباهِ في كونِ شريكَتِه الأنثى قد ضاجَعَت قِردًا آخرَ! وأنَّ الكثيرَ منهم نتيجةَ ذلك إمَّا أن يُشوِّهَ شريكَتَه الأنثى! أو يَنفِرَ منها أبَدَ الدَّهر! (٢)

فلأجل هذا أقول:

لا يلزم مِن كونِ صورةِ الواقعةِ في خبرِ ابنِ ميمونٍ صورةَ الزِّنا والرَّجم، أن يكون ذلك زِنًا حقيقةً ولا حَدًّا! وإنَّما أُطلِق عليه لشَبَهِه بهِ في الصُّورة فقط، فلا إيقاعَ للتَّكليفِ على الحيوانِ كما تَوهَّمَه المُعترض (٣).

فأمَّا عن شَبَهِه في الصُّورةِ للزِّنا: فلعَلَّ في سَوْقِ أصلِ القِصَّة مِن وجهِها المُطَوَّل، تجليةً لوجهِ الشَّبَه الَّذي لأجلِه صَوَّر ابنُ مَيمونٍ فِعلَ القِرْدَين على صورةِ ذلك، وهي:


(١) «فتح الباري» (٧/ ١٦٠).
(٢) دراسة علميَّة بعنوان: " Female compitition in champanzees"، أي: «المنافسة الأنثويَّة عند قِرَدة الشَّمْبانزي»، للبَاحثتين (Anne E. pusey) و Kara walker»، وهو منشور بالموقع الرَّسمي لمجلَّة الطِّب الحَيوي وعلوم الحياة في المكتبة الوطنيَّة الأمريكيَّة للصِّحة، وانظر الخبر أيضًا في جريدة (الغد) الأردنيَّة على موقعها الإلكترونيِّ، بتاريخ ١١ يونيو ٢٠٠٦ م.
(٣) انظر «فتح الباري» لابن حجر (٧/ ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>