للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتعلِّقًا باللَّفظِ المقتصَر عليه، لأنَّ اختصارَ ما كان هذا حالُه يؤدِّي إلى فَكِّ التَّعلُّق المُفضي إلى الإخلال بالمعنى.

وهذا التَّعلُّق بين اللَّفظِ المتروكِ واللَّفظِ المُثبت في الاختصارِ على ضربين:

إمَّا أن يكون تَّعلُّقًا لفظيًّا: كتَعلُّقِ المُستثنى بالمُستثنَى منه، والشَّرط بمَشروطه، كما قال ابن الحاجب (ت ٦٤٦ هـ): «حذفُ بعض الخَبِر جائزٌ عند الأكثر، إلَّا في الغايةِ والاستثناءِ ونحوِه» (١).

أو يكون التَّعلُّق مَعنويًّا: كأن تكون إحدى الجُملتين مِن الحديث مُخصِّصةً لعمومِ الأخرى، أو تكون مبيِّنةً لمُقتضى الحالِ الَّذي لأجلِه وَرَد الحكم في الجملةِ الأخرى (٢).

وفي تقرير هذا النَّوع من التَّعلق وحكمه، يقول ابن حبَّان البستيُّ:

«كلُّ خطابٍ كان من النَّبي صلى الله عليه وسلم على حسب الحالِ فهو على ضربين:

أحدهما: وجودُ حالةٍ مِن أجلها ذُكر ما ذُكر، لم تُذكر تلك الحالة مع ذلك الخبر.

والثَّاني: أسئلةٌ سُئِل عنها النَّبي صلى الله عليه وسلم، فأجاب عنها بأجوبةٍ، فرُويَت عنه تلك الأجوبة مِن غير تلك الأسئلة، فلا يجوز أن يُحكَم بالخبرِ إذا كان هذا نعتُه في كلِّ الأحوال، دون أن يُضَمَّ مُجمَله إلى مُفسرِّه، ومُختصَره إلى مُتَقصَّاه» (٣).

ويدخُل في هذا الضَّربِ مِن التَّعلُّق المَعنويِّ: أن يكون المتنُ مُتعَبَّدًا بلفظِه؛ كأن يكون مِن ألفاظِ الدُّعاءِ المُقيَّدة ببعضِ الأحوال: كالتَّشهد، والأذكار، ونحو ذلك ممَّا هو تَوقِيفِيُّ اللَّفظ، وهذا ما دعا البخاريَّ لأن يُبقِيَ -مثلًا- على متنِ


(١) «مختصر منتهى السؤل والأمل» لابن الحاجب المالكي (١/ ٦٢٢ - ٦٢٤).
(٢) انظر «الكفاية» للخطيب البغدادي (ص/١٩٣)، و «المستصفى» للغزالي (١/ ١٦٨)، و «فتح المغيث» للسخاوي (٣/ ١٥٦ - ١٥٧).
(٣) «صحيح ابن حبان» (١/ ٤٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>