للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومحمَّد بن أبي نصر الحُميدي (ت ٤٨٨ هـ) بعد نقلِه لاتِّفاق النُّقاد على صِحَّة ما فيهما قال: « .. فتبادرت النِّيات المُوفَّقة على تباعُدها، مِن الطَّوائف المُحقِّقة على اختلافها، إلى الاستفادةِ منهما، والتَّسليمِ لهما في علمِهما، وتمييزِهما، وقبولِ ما شهِدا بتصحيحِه فيهما» (١).

ثمَّ نقلُ ابنِ طاهرٍ المَقدسيِّ (ت ٥٠٧ هـ) في كتابِه «صفوة التَّصوُّف» إجماعَ المُسلمين على صحَّة ما أُخرِج فيهما (٢).

وغير هؤلاءِ مِن أئمَّة الأصول والحديث ممَّن جاء بعدهم كثير (٣)، حتَّى عدَّ ابنُ تيميَّةَ قولَهم هذا «مذهبَ أهلِ الحديث قاطبةً، وهو معنى ما ذكرَه ابن الصَّلاح في مدخلِه في «علوم الحديث»، فذَكَر ذلك استنباطًا، ووَافقَ فيه هؤلاء الأئمَّة» (٤).

ثمَّ وَافقَ ابن الصَّلاح من بعدِه جلَّةُ أهلِ الحديثِ وصَّححوا قوَله، منهم ابنُ حَجرٍ (ت ٨٥٢ هـ) وهو مِن أخبرِهم بـ «الصَّحِيحين»، حيث قال: «والخبر المُحتفُّ بالقرائن أنواع: منها ما أخرجه الشَّيخان في صحيحيهما ممَّا لم يبلغ حدَّ التَّواتر، فإنَّه احتفَّ به قرائن، منها: جلالتهما في هذا الشَّأن، وتقدُّمهِها في تمييز الصَّحيح على غيرهما، وتلقِّي العلماء لكتابيهما بالقَبول، وهذا التَّلقي وحدَه أقوى في إفادة العلم من مجرَّد كثرة الطُّرق القاصرة عن التَّواتر» (٥).

وقال الشَّوكاني (ت ١٢٥٠ هـ): «اِعلم أنَّ ما كان مِن أحاديثِ هذا الكتابِ في أحد الصَّحيحين، فقد أسفرَ فيه صُبح الصِّحة لكلِّ ذي عينين، لأنَّه قد قطع


(١) «الجمع بين الصَّحيحين» (١/ ٧٤).
(٢) انظر «محاسن الاصطلاح» للبلقيني (ص/١٧٢، بهامش ابن الصلاح»، لكنه أغربَ بعدها حين أضاف إلى مسألة التَّلقِّي والإجماع، ما كان على شرطهما وإن لم يخرجاه.
(٣) انظر «اختصار علوم الحديث» لابن كثير (ص/٣٣)، و «محاسن الاصطلاح» (ص/١٧٢)، و «فتح المغيث» (١/ ٧٣)، و «تدريب الراوي» (١/ ١٤٥).
(٤) «النكت على مقدمة ابن الصلاح» لابن حجر (١/ ٣٧٦).
(٥) «نزهة النظر» لابن حجر العسقلاني (ص/٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>