للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرادَ -يعني ابنَ الصَّلاح- كلَّ الأمَّة: فهو أمرٌ لا يخفى فَسادُه؛ وإن أرادَ الأمَّة الَّذين وُجِدوا بعد وضعِ الكتابين: فهُم بعضُ الأمَّة لا كلُّها» (١).

واستُعمل هذا النَّوع مِن الاعتراض الجَدليِّ أيضًا لنفي دخولِ كلِّ المُجتهدين في لفظِ (الأمَّة)، كما تراه في دعوى الصَّنعانيِّ حين قال: «الَّذي يَغلب به الظَّن، أنَّ مِن العلماء المجتهدين مَن لا يَعرف الصَّحيحين، إذ معرفتهما بخصوصِهما ليست شرطًا في الاجتهاد» (٢).

وقال: « .. بل صرَّح إمام الشَّافعية الغزاليُّ، أنَّه يكفي فيه -يعني في شرط الاجتهادِ- سُنَن أبي داود، وصَرَّح السَّيد محمَّد -يعني ابنَ الوزير- في كتابِه القواعد، أنَّه يكفي فيه التَّلخيص الحبير» (٣).

ومِمَّا يَتَحقَّق به هذا المسلك في الاعتراضِ أيضًا: استفسارُ صاحبِ الدَّعوى عَمَّن وَقَع له التَّلقي، كما فعل الصَّنعانيُّ حيث قال: «هل هو لكلِّ فردٍ فردٍ مِن أحاديثهِما؟ فإن كان هو المُراد، فلا يتمُّ فيه الدَّعوى» (٤).

والجواب على هذه الاستفسارات المُشكلة كلِّها من عدَّة وجوه:

الوجه الأوَّل:

أنَّ هذا المَسلك في الاعتراضِ إنَّما يصحُّ بالاستفسارِ في حالةِ إجمالِ لفظِ المُستدِّل بالإجماعِ حيث يدلُّ ظاهره على عدَّةِ احتمالات مُتساوية (٥)؛ لكن لفظُ ابن الصَّلاح ظاهرٌ في قصدِه بعضَ الأُمَّة لا كلِّها، وهم المُختصُّون بالحديث وصنعتِه، وأنَّ سائر الأمَّة تبعٌ لهذا البعض.


(١) «المقنع في علوم الحديث» لابن الملقن (١/ ٧٧).
(٢) «ثمرات النظر» للصنعاني (ص/١٣٢).
(٣) «إسبال المطر على قصب السكر» (ص/٢١٦).
(٤) «توضيح الأفكار» (١/ ١١٦).
(٥) «التقرير والتحبير» (٣/ ٢٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>