للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتَّبعوا في ذلك طائفةً من أهل الكلام أنكروا ذلك؛ ولكنَّ كثيرًا مِن أهلِ الكلامِ أو أكثرهم يُوافقون الفقهاءَ وأهلَ الحديث والسَّلَف على ذلك.

وهو قول أكثرِ الأشعريَّة، كأبي إسحاق [الإسفراييني]، وابن فورك (١) .. وهو الَّذي ذكرَه الشَّيخ أبو حامد [الغزالي]، وأبو الطَّيب [الطَّبري]، وأبو إسحاق [الشِّيرازي]، وأمثاله مِن أئمَّة الشَّافعيَّة.

وهو الَّذي ذكَرَه القاضي عبد الوَّهاب [البغدادي]، وأمثاله مِن المالكيَّة.

وهو الَّذي ذَكَره أبو يعلى [ابن الفرَّاء]، وأبو الخطَّاب [الكلوذانيُّ]، وأبو الحسن ابن الزَّاغوني، وأمثالهم مِن الحنبليَّة.

وهو الَّذي ذكره شمس الدِّين السَّرخسي، وأمثالُه مِن الحنفيَّة» (٢).

فما نَعَت به النَّووي كلامَ ابن الصَّلاح بأنَّه «خلاف مذهبِ المحقِّقين والأكثرين» غيرُ مُتَّجِه (٣).

عَيبُ ابنِ الصَّلاح الوحيد حين صحَّح حكايته عن مرتبة أحاديث الصَّحيحين، أنَّه «لم يعرِف مذاهبَ النَّاسِ فيه ليَتقوَّى بها، وإنَّما قاله بمُوجِب الحُجَّة، وظَنَّ مَن اعترضَ عليه مِن المشايخ الَّذين فيهم علمٌ ودينٌ، وليس لهم بهذا الباب خِبرة تامَّة، لكنَّهم يرجعون إلى ما يجدونه في مختصرِ أبي عمرو ابن الحاجبِ، ونحوِه مِن مختصر أبي الحسن الآمدي والمُحصَّل، ونحوِه مِن كلام أبي عبد الله الرَّازي وأمثالِه: ظَنُّوا أنَّ الَّذي قاله الشَّيخ أبو عمرو في جمهورِ أحاديثِ الصَّحيحينِ قولٌ انفرَدَ به عن الجمهور؛ وليس كذلك! بل عامَّةُ أئمَّة الفقهاءِ، وكثيرٌ مِن المتكلَّمين أو أكثرُهم، وجميعُ علماءِ أهلِ الحديثِ على ما ذكره الشَّيخ أبو عمرو» (٤).


(١) ويظهر أن ابن فورك (ت ٤٠٦ هـ) هو أول من صرح بقرينة تلقي الأمة للحديث بالقبول والقولِ بالصِّحة في إفادة العلم، انظر «البرهان» للجويني (١/ ٣٧٤).
(٢) «مجموع الفتاوى» (١٣/ ٣٥١ - ٣٥٢)، وأقرَّه ابن حجر في «النُّكت» (١/ ١٣٩).
(٣) انظر «النكت على مقدمة ابن الصلاح» لابن حجر (١/ ٣٧٤).
(٤) «جواب الاعتراضات المصرية» (ص/٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>