للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: «وإنَّما لم يخرجه البخاريُّ لكونِه على غير شرطه، فإمَّا أن يكون أشار إلى أنَّ اللَّيلة واحدة، أو نبَّه بأحدِ حديثي حذيفة رضي الله عنه على الآخر» (١).

بينما رأى العَينيُّ (ت ٨٥٥ هـ) بعده بأنَّ «التَّرجمةَ في طولِ القيام في صلاة اللَّيل، وحديثُ حذيفة فيه القيامِ للتَّهجُّد، والتَّهجُّد في اللِّيل غالبًا يكون بطولِ الصَّلاة، وطولُ الصَّلاة غالبًا يكون بطولِ القِيامِ فيها، وإن كان يَقعُ أيضًا بطولِ الرُّكوع والسُّجود» (٢).

ومن ذلك: أن يأتيَ البابُ خاليًا مِن ترجمةٍ أصلًا، ويكتفي عنها بكلمة (بَابٌ)، مع إيراده للأحاديث تحتها، وتُسمَّى بـ «الأبوابِ المُرسَلة» (٣)، فيكون هذا الباب بمَنزلةِ الفَصْلِ مِن البابِ السَّابق، فلا بُدَّ له مِن تَعلُّق به (٤).

أو أنَّه يحذِف التَّرجمةَ تكثيرًا للفوائد، فإنَّ الحديث الواردَ في البابِ يُستنبط منه مسائل عديدة مُناسبة لهذا المَحَلِّ، فيَحذف التَّرجمة، تشحيذًا للأذهان في إظهارِ مُضمَره، واستخراجِ خَبيئه، وإيقاظًا للنَّاظِرين أن يُخرِجوا منه تَراجم عديدةً مُناسبة لهذا الحديث (٥).

ومن ذلك: أنْ يورِدَ بعد التَّرجمةِ حديثًا يُوافقها، ثمَّ يذكرَ بعده حديثًا لا يُوافقها، ويكون ذكرُه للحديثِ الثَّاني لمصلحةِ الحديثِ الأوَّل، كتَوضيحِ إجمالٍ فيه، أو يكون في إسنادِ الثَّاني تصريحٌ بسماعِ راوٍ قد عَنْعنَ في الحديث الأوَّل، فيُثبت به الاتِّصال، على المَعروفِ مِن شرطِ البخاريِّ في ذلك، وهكذا.

والفائدة المُنتزعة مِن هذا: أنَّ كثيرًا ما يَتَحصَّل وجهُ المناسبةِ بالنَّظرِ إلى مَجموعِ الرِّواياتِ في البابِ، فلا تَسْتَقلُّ كلُّ روايةٍ بإفادةِ ما وُضِعَت له التَّرجمة.


(١) «فتح الباري» لابن حجر (٣/ ٢٠).
(٢) «عمدة القاري» (٧/ ١٨٦).
(٣) «الإمام البخاري وفقه التراجم في جامعه الصحيح» لـ د. نور الدين عتر (ص/٨٥).
(٤) «هُدى السَّاري» لابن حجر (١/ ١٢٥)، وانظر «عمدة القاري» للعيني (٤/ ٢٤١)، ونحا نحو هذا الترمذي في «جامعه»، والخطيب البغدادي في كتابه «الكفاية في معرفة أصول علم الرواية».
(٥) «الأبواب والتَّراجم» للكاندهلوي (١/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>