للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع ما يجب التَّنبُّه له في هذا الباب من استكناه مقاصد البخاريِّ من تراجمه: أنَّ أكثرَ ما يُترجِم به لمثلِ هذا -مِمَّا قد يظهر منه عدمُ جَدواه- إنَّما يكون تَعقُّباتٍ وتَنكيتاتٍ على عبد الرَّزاق (ت ٢١١ هـ) وابن أبي شيبة (ت ٢٣٥ هـ) في تَراجم «مُصَنَّفيهما»! ومِن ثمَّ فإنَّ مثل هذه التَّوجيهات لهذا النَّوع مِن التَّراجم، لا يَهتدي إليها إلَّا مَن مَارَس المُصَنَّفَيْنِ، واطَّلَع على ما فيهما (١)!

ثمَّ إنَّ البخاريَّ قد يَعقِد بابًا يأتي له بترجمةٍ ما، ليس له مِن وراءه قَصدٌ إلَّا نَقضُ ما انتَشَر في النَّاسِ مِن فتوى فقيه، هي عنده مخالفةٌ لدَلالةِ سُنَّة؛ ومَن كان مُطِّلعًا على ما كان سائدًا في عصره مِن آراءٍ يكثر فيها الخِصام، تلَمَّح ذلك في مثلِ هذه التَّراجم مِن طرفٍ خَفيٍّ (٢)!

إلى غير ذلك من أنواعِ التَّراجِم الَّتي انبرى العَالِمون الفاهِمونَ لتَجلِيتها، وما ذلك منهم إلَّا حَسَنةٌ مِن حَسناتِ فِقهِ البخاريِّ وواسِع فهمِه للشَّريعة.


(١) «شرح تراجم أبواب البخاري» (ص/٢٢).
(٢) «نظرات على صحيح البخاري» لأبي الحسن الندوي (ص/٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>