للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديثِ في تَصحيحِه (١)، بل أقوالُهم دائرةٌ فيه بين القولِ بنَسْخِه (٢)، أو القولِ بتَأويلِه على ما يُوافق الأصول (٣)؛ والله أعلم.

الحديث الرَّابع:

روى الشَّيخان من حديث رافع بن خديج رضي الله عنه قال: «كُنَّا مع النَّبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة، فأصاب النَّاس جوعٌ، وأصَبْنا إِبِلًا وغَنمًا، وكان النَّبي صلى الله عليه وسلم في أُخْرَيات النَّاس، فعَجَّلوا فنَصبوا القدور، فأمَرَ بالقدورِ فأُكفِئت» (٤).

فقد ذكَرَ (الكُرديُّ) (٥) و (جمال البنَّا) (٦) هذا الحديث في جملةِ ما ردَّه مالكٌ وهو في «الصَّحِيحين»، مُعتَمدين على قولِ الشَّاطبي: «أنكرَ مالكٌ حديثَ إكفاءِ القُدور الَّتي طُبِخت مِن الإبلِ والغَنم قبل القسمِ، تَعويلًا على أصلِ رَفعِ الحَرجِ، الَّذي يُعبَّر عنه بالمصالحِ المُرسلَة، فأجازَ أكلَ الطَّعام قبل القَسم لمِن احتاجَ إليه، قاله ابن العَربيُّ» (٧).

وعند الرُّجوعِ إلى كلامِ مالكٍ في المسألة، لا نجد له إنكارًا للحديث!


(١) يقول البيهقي كما في مختصر «الخلافيات» (٣/ ٧٠): «لا أعلم خلافًا بين أهل الحديث في صحتها» ا. هـ، ولذا فإني أرى أن ما جزمَ به د. الحسين ألحيَّان في كتابه «منهج الاستدلال بالسنة في المذهب المالكي» (٢/ ٨٦١) -تبعا للشاطبي في «الموافقات» (٣/ ٢٢) - من أن مالكًا ضعَّف حديث عائشة بالأصل القرآني الكلي غير دقيق.
(٢) «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٤/ ١٠٠).
(٣) بحمله على أن يُفعل ما ينوب منابَ الصَّوم مِن الصَّدقة والدُّعاء، انظر «الذخيرة» للقرافي (٢/ ٥٢٤) و «المُفهم» للقرطبي (٣/ ٢٠٩)، وانظر «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» لعبد الوهاب البغدادي (١/ ٤٤٦)، و «إكمال المعلم» للقاضي عياض (٤/ ١٠٤).
(٤) أخرجه البخاري (ك: الجهاد والسير، باب: ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم، برقم: ٢٩١٠)، ومسلم (ك: الأضاحي، باب: جواز الذبح بكل ما أنهر الدم إلا السن والظفر وسائر العظام، برقم:١٩٦٨).
(٥) «نحو تفعيل نقد متن الحديث» (ص/٥٨).
(٦) «تجريد البخاري وسلم» (ص/١٨).
(٧) «الموافقات» (٣/ ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>