(٢) «الفروسية» لابن القيم (ص/٢٦٦). (٣) انظر «الإفصاح» لابن هبيرة (٦/ ٤٤٤)، و «الإحكام» لابن حزم (٣/ ٣٦)، و «إكمال المعلم» للقاضي عياض (٨/ ٤٦٠)، و «كشف المشكل» لابن الجوزي (٣/ ٤٧١)، و «عمدة القاري» للعيني (١٦/ ١٣٩)، و «فتح الباري» لابن حجر (١٣/ ١٠). (٤) وإلى يومنا هذا، لايزال هذا الفهمُ للحديثِ - كما خشيه الإمام أحمد - قابعًا في عقولِ كثيرٍ من منظِّري بعضِ الأحزابِ الإسلاميَّة المناكفةِ للسُّلطةِ السِّياسية في بعض البلدان الإسلاميَّة! بله في بلدنا المغرب، وا أسَفاه! حيث اتَّخذوه وأمثالَه من الأحاديث مطيَّةً لتسويغِ نهجهم التَّصادميِّ، وذريعةً شرعيَّةً -زعموا- لإسقاطِ ما لا يرتضونه من السَّاسة ولو بالقوَّة. فهذا مثالٌ لما أقول: مَقالٌ لأحَدِ رُوَّادِ الفكر في إحدى الجماعاتِ الإسلامية في المغرب، عنون لها بـ «نظرات في فقه الاعتزال السياسي»، منشور بتاريخ ١٧ أكتوبر ٢٠١٥ م على الموقع الرَّسمي «لجماعة العدل والإحسان»، يقول معلِّقًا على الحديث:
« .. فهذا الحديث يفتح لنا بابًا فقهيًّا عظيمًا في كيفية التَّعامل مع أنظمة الاستبداد الَّتي ما زال عُودها شديدًا، وقوَّة النَّاهضين ما زالت لم تستوِ بعد على سوقها، فيأمر الرسول صلى الله عليه وسلم عندها بأنَّ اعتزال الظَّلمة المهلكين للأمَّة هو المفتاح، ويجب أن نلحظ أنَّ الحديث لا يدعو إلى اعتزال الظَّلمة فُرادى، بل يدعو إلى العمل حتَّى يعتزلهم النَّاس! وذلك يفترض بداهةً أنَّ هناك دعوةً وسطهم وبينهم لاعتزال مهلكي الأمَّة، ومقاطعتهم عبر إسقاط هيبتهم في نفوس النَّاس، وتثبيت كراهيتهم وبغضهم، وهو أدنى الإيمان الَّذي يكون بالتَّغيير القلبي، ويكون المقدِّمة الأولى من أجل حصول التَّغيير باليد عندما يشتد ساعد المقاطعة والاعتزال والممانعة، فيلجأ عندها إلى وسائل أكثر قوة واشد مضاء»!