للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«كمْ مِن حديثٍ صَحَّحه الحُفَّاظ وهو باطلٌ! بالنَّظر إلى مَعناه ومُعارضتِه للقرآن، أو السُّنةِ الصَّحيحةِ، أو مخالفةِ الواقعِ والتَّاريخِ؛ وذلك لدخولِ الوَهم والغلَطِ فيه على المَعروف بالعدالةِ، بل قد يَتَعمَّد الكذب! فإنَّ الشُّهرةَ بالعدالةِ لا تُفيد القَّطعَ في الواقع.

ومنها أحاديث «الصَّحِيحين»، فإنَّ فيها ما هو مَقطوعٌ ببُطلانِه! فلا تَغتَرَّ بذلك، ولا تَتَهيَّب الحُكمَ عليه بالوضعِ لِما يذكرونه مِن الإجماعِ على صِحَّة ما فيهما، فإنَّها دعوى فارغةٌ! لا تثبُت عند البحثِ والتَّمحيصِ، فإنَّ الإجماعَ على صِحَّةِ جميعِ أحاديثِ الصَّحيحين غير مَعقولٍ ولا واقعٍ» (١).

فعامَّة هذا الكلام محضُ غلط، والغُماريُّ يُشنِّع على الكوثريِّ تناقُضاتِه وهو واقعٌ بها! فها هو ذا يفتحُ بابَ التَّكذيب لمِا في «الصَّحيحين» بدعوى أنْ لا إجماع على ما فيهما؛ مع أنَّه هو نفسُه مَن أنكرَ على الكوثريِّ طعنًا له في حديثٍ أخرَجه الشَّيخان، محتجًّا عليه بأنَّه «طَعْنٌ في أحاديثِ الصَّحِيحين المُجمَعِ على صِحَّتها» (٢)!

وهو نفسُه مَن دافع على أحدِ الرُّواة مِمَّن تُكلِّم فيه بقوله: «يُعتَبر توثيقُ مسلم له ومَن وافقه على توثيقه، فيكون الحديث صحيحًا، لاسيما بعد دخوله في الكتاب المُجمَع مِن الأمَّة على صِحَّتِه» (٣)!

ولقد حَوت فقرَتُه السَّابقة جملةً مِن المغالطاتٍ، لنا في كشفِها ثلاثُ وَقفات:

الوقفة الأولى: قول الغُمارِيِّ أنَّ كثيرًا مِمَّا صَحَّحه الحُفَّاظ باطلٌ بالنَّظر إلى متنِه:

فهذا مثال لمِا ذكرناه عنه آنفًا مِن تسرُّعه في أحكامه المبالغِة! وهو كلام عمومه مُشكلٌ يُستفصَل عنه:


(١) «المُغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير» (ص/١٣٧ - ١٣٨).
(٢) «بيان تلبيس المفتري» (ص/١٢٥).
(٣) «المُداوي لعلل المُناوي» (٢/ ٥٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>