للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتَّعديل؛ فلقد «أفسدَ هذا الرَّجلُ وقَبِيلُه مِن آلِ السَّقاف الزَّيْدِيِّين بدَسائِسِهم الشَّيخَ أبا الفَيض الغُماري، وقَلبوه زَيْديًّا أكثرَ منهم! كما تراه جَلِيًّا في كتابه «فتح المَلِك العَليِّ، بصحَّةِ حديثِ: باب مدينة العلمِ عَليّ (١»)، حتَّى جعلَ المحدِّثين أغلبَهم زَيديَّة! (٢)

ولا عَتَب على نُقَّادِ الرِّجال وهم مَن قام بأعباءِ ما حُمِّلوا مِن أمانةِ نَبيِّهم فتَحمَّلوها، فكَشفوا عن أحوالِ الرُّواةِ عَوارَهم، ومَحوا عن السُّنةِ عارَههم، فمُحالٌ أن يَتوافقوا على عدالةِ رَاوٍ هو خِلافُ ما حَسِبوه، ثمَّ تتبعَهم الأمَّة في التَّديُّنِ بأخبارِه، ولا يَنصب الله لهم عَلامةً على سوء حالِه، وبراءةِ وَحْيِه مِن مُفترَياتِه! و «الله ما سَتَر أحَدًا يكذِبُ في الحديث»، كما قال سفيان بن عُيينة (ت ١٩٨ هـ) (٣).

يقول المُعلِّمي: «إذا استمَرَّ الحالُ على توثيقِ رَجلٍ، ولم يَطعن فيه أحدٌ بحُجَّة، فمِن المُحالِ أن يكون ذلك الرَّجل مِمَّن قد يكذِبُ في الحديث، إذْ لو كان كذلك، لفَضَحه الله تعالى، لِما يَلزم مِن سترِه مِن التصاقِ مَروِيِّه بالشَّريعةِ، وقد تَكفَّل الله بحفظِها؛ نعم، يبقى احتمالُ الغَلطِ في بعضِ ما رَوى، ولكنَّه لا بُدَّ أن يُنبِّه الله عز وجل عليه بعضَ أهلِ العلمِ» (٤).

الوقفة الثَّالثة: قول الغُماريِّ عن أحاديثِ «الصَّحيحين» أنَّ فيها ما هو مَقطوعٌ ببُطلانِه .. إلخ:

قد سَبق الكلام عن أقسامِ ما انتَقَده الحُفَّاظ مِن أحاديثِ «الصَّحيحين»، وأنَّ منها أحاديث مَردودة معدودة على أصابع اليَدين لا تَصمد أمامَ النَّقد، منها ما أخرجَه الشَّيخان وهُما يَعلمانِ علَّته.


(١) «رونق القرطاس» لمحمد الأمين بوخبزة (ص/١٧٢ مخطوط) بتصرف يسير.
(٢) في كتابه «جؤنة العطَّار» (١/ ١٥٠).
(٣) «الضُّعفاء» للعقيلي (١/ ١٤٦).
(٤) «رسالة في الكلام على أحكام خبر الواحد وشرائطه» (١٩/ ١٥٤ - آثار المعلِّمي).

<<  <  ج: ص:  >  >>