للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى غير هذين مِمَّن تصدَّى الألبانيُّ لدفعِ مُعارضاتِهم عن «الصَّحيحين» (١)؛ قد بَلَغَ ما دافعَ عنه فيهما خمسةً وعشرين حديثًا (٢).

الفرع الثَّاني: المُآخذاتِ على نقداتِ الألبانيِّ لأحاديث «الصَّحيحين».

ومعَ ما أظهرَه الألبانيُّ مِن مَوضوعيَّةٍ في النَّقدِ، وتَجرُّدٍ في الأحكامِ، وذَبٍّ عن «الصَّحِيحين» يُشكَر عليه؛ إلَّا أنَّه أُوخِذَ عليه في أحاديث رأى أنَّ البخاري ومسلمًا -مع جلالتِهما في الفنِّ- قد أخطآ في تصحيحها، والفرضُ أنَّهما غير معصومين في ما اجتهدا فيه، فجائز عنده الاستدراك عليهما مادام هذا النَّقد مبنيًّا على قواعده العلميَّة المعتبرة، بدليل نقد الحفَّاظ لهما على مرِّ القرون.

فلمَّا طبَّق ما دَرَسه مِن قواعدِ علمِ الحديث على ما مَرَّ به من أحاديث «صحيح البخاري»، وَجَد بعضَها تقصُر عن مرتبةِ الصَّحيح أو الحسن؛ فضلًا عمَّا وَجَده من ذلك في «صحيح مسلم».

يقول بعد حكمِه على جملةٍ من حديث في «البخاريِّ» بالشُّذوذ: «هذا الشُّذوذ في هذا الحديث مثال من عشرات الأمثلة الَّتي تدلُّ على جهل بعض النَّاشئين الَّذي يتعصَّبون لـ «صحيح البخاري» وكذا لـ «صحيح مسلم» تعصُّبًا أعمى، ويقطعون بأنَّ كلَّ ما فيهما صحيح! ويُقابل هؤلاء بعض الكُتَّاب الَّذين لا يقيمون لـ «الصَّحيحين» وزنًا، فيردُّون من أحاديثهما ما لا يوافق عقولهَم وأهواءَهم، .. وقد رددتُّ على هؤلاء وهؤلاء في غير ما موضع» (٣).

فهو يرى أنَّ من الواجبِ بيان حالِ مثل هذه الضِّعاف في «الصَّحيح»، أداءً لأمانة العلمِ، ومنعًا لدخولِ ما ليس بسُنَّة في السُّنَّة، وردعًا لمن يُخرج منها ما هو ثابت فيها؛ فقد كان يُبدي هذه النيَّة أحيانًا أثناء تخريجِه لبعض أحاديث البخاريِّ،


(١) راجع تَعقُّباته الكثيرةِ لحسَّان عبد المنَّان في تضعيفِه لعددٍ من أحاديث «الصَّحيحين» في كتابه «النَّصيحة، في التَّحذير من تخريب ابن عبد المنَّان لكُتب الأئمَّة الرَّجيحة».
(٢) انظر «ردع الجاني» لطارق عوض الله (ص/٥٢).
(٣) «السلسلة الصحيحة» (٦/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>