للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يريدان ابتداءَ عقدِ النِّكاح بينهما، فإنَّا نطالبهما حينئذٍ بشرائطِ عقدِ الزَّوجية، مِن إحضارِ الوليِّ والشُّهود وتسميةِ المهر.

كذلك الكافر إذا عُرِض عليه الإسلام، لم يُقتصر منه على أن يقول: إنِّي مسلم، حتَّى يصفَ الإيمانَ بكمالِه وشرائطِه، وإذا جاءنا مَن نجهلُ حالَه بالكفرِ والإيمانِ، فقال: إنِّي مسلم، قبِلناه، وكذلك إذا رأينا عليه أمارةَ المسلمين، مِن هَيئةٍ، وشارةٍ، ونحوهما: حَكمنا بإسلامه، إلى أن يظهر لنا منه خلاف ذلك» (١).

وأمَّا جواب المعارضة الثَّالث: في دعواهم أنَّ البخاريَّ تركَ إخراجَ الحديث في «صحيحه»، وأخرجه في جزء «خلق أفعال العباد» دون ذكر ما يتعلَّق بكونِ الله في السَّماء .. إلخ:

فليس يخفى على مُبتدئٍ في التحصيل أنَّ البخاريَّ لم يقصد في «صحيحِه» إخراجَ كلِّ الصَّحيح، وهو مَن أشارَ إلى قصدِ الاختصارِ في عنوانِ كتابِه نفسِه، تبصرةً لمن عَمِي عن هذا المقصد مِن تأليفه، فسمَّاه «الجامعَ المسندِ الصَّحيح (المختصرِ) مِن أمورِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وُسنَنه وأيَّامِه».

وكذا إخراجُه للحديثِ في كتابه «خلق أفعال العباد» مختصرًا، لا يلزمه فيه التَّصريح باختصارِه، فقد أخرج في هذا الجزءِ نفسِه غيرَه ممَّا اختصَره دون إشارةٍ منه إلى اختصاره، مع ورودِه كاملًا في مواضع أخرى مِن كُتبه (٢)!

وأمَّا جواب المعارضة الرَّابعة: في دعواهم أنَّ مسلمًا أخرج الحديث في باب تحريم الكلام في الصَّلاة، ولم يروه في كتاب الإيمان .. إلخ:

فدعوى الكوثريِّ فيها تزيُّد ظاهرٌ على مسلم؛ وقد تقدَّم البيان على أنَّ مسلمًا لم يَتَصَدَّ لمِا تَصدَّى له البخاريُّ مِن استنباطِ الأحكامِ وتقطيع الأحاديث


(١) «معالم السنن» للخطابي (١/ ٢٢٢ - ٢٢٣).
(٢) مثاله: حديث هانئ بن يزيد رضي الله عنه قال: قلت للنَّبي صلى الله عليه وسلم: أخبرني بشيء يدخلني الجنة، قال: عليك بحسن الكلام، وبذل الطعام»، هكذا رواه مختصرًا في «خلق أفعال العباد» (ص/٦٨)، دون أن يشير إلى اختصاره، مع أنَّ في الحديث قصة حذفها منه، قد أسندها البخاري بنفس إسناد المختصرةِ في «الأدب المفرد» (ص/٤٣٦، رقم: ٣٥٣)، وانظر «تكحيل العين» (ص/١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>