للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبلها لا للتَّخيير، وبه فَسَّرها المحقِّقون، كما فهِمها عمر، واستشكلوا الحديثَ، إذْ لا يُعقل أن يكون فهمُ عمر أو غيره أصحُّ مِن فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لخطابِ الله له! ولذلك أنكرَ بعضهُم صحَّته» (١).

وقد تَوارد مِن بعد رشيد رضا على فهمِ الآيةِ على هذا المعنى من التَّسوية فئامٌ أنكروا أن تكون للتَّخيِير، وهو ما جنح إليه من طعن في الحديث من المعاصرين، كـ (جعفر السُّبحاني) (٢)، و (صادق النَّجمي) (٣)، و (فتح الأصبهاني) (٤)، و (الكُردي) (٥)، وغيرهم.

فأمَّا (السُّبحاني)، فكان أسهبَ هؤلاءِ في تفصيلِ هذا الفهمِ دليلًا على نُكرانِه للحديث (٦)، فناسبَ إيرادُ معارضاتِه، وفي ضمنها كلامُ (رشيد رضا)، ليتمَّ الرَّد على كلِّ فرعٍ منه على حِدَة، ويستتِمَّ لنا دحض مُعارضتها جملةً، فنقول مُستعينين بالله (٧):

يقول هذا المُعترِض:

«أوَّلًا: إنَّ المتبادر مِن لفظة (أو) في الآية من قوله: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: ٨٠] أنَّها للتَّسوية، أي الاستغفار وعدمه سيَّان، لأنَّ المحلَّ غير قابل للاستفاضة، لكنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم حسب الرِّواية حملها على التَّخيير، حيث قال: إنَّما خيَّرني الله .. فكيف خفي على النَّبي مفاد الآية؟!


(١) «تفسير المنار» (١٠/ ٤٩٦).
(٢) «الحديث النبوي بين الرواية والدراية» (ص/٥١٨ - ٥٢٠).
(٣) «أضواء على الصحيحين» (ص/٣١٨ - ٣١٩).
(٤) «القول الصراح في البخاري وصحيحه الجامع» (ص/١١٥ - ١١٦).
(٥) «نحو تفعيل قواعد نقد المتن» (ص/١٥٤).
(٦) ومَن يطالع كلام رشيدٍ عن الحديث في «تفسير المنار»، يعلم أنَّ (السُّبحاني) قد اختلسَ من كلام (رشيد رضا) ما ناسب طعنَه في الحديث، متغافلًا عن المناقشات المفيدة الَّتي سجَّل (رشيد رضا) أكثرَها عن ابن حجر في الدِّفاع عن الحديث!
(٧) غايرت بين ترتيب الشبهتين الأوليين في الأصل لأن الرد على الثاني مضمن جزء منه في الأول كما سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>