للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحاصل القول من مناقشةِ الأجوبةِ على المعارضة الأولى: يتبيَّن أنَّها لا تنهضُ لدفعِها، فتكون بذا معارضةً صحيحة.

وأمَّا عن المعارضة الثَّانية والثَّالثة للحديث؛ من دعوى خُلوِّه مِن ذكرِ خلقِ السَّموات، وجعلِه خلقَ الأرض وما فيها في سِتَّة أيَّام (١):

فلا أُراها تَسلَمُ مِن دفعِ بعضِ أجوبةِ المُعلِّمي؛ وبيانُ ذلك في الآتي:

أنَّ قول المُعلِّمي عن الحديث: إنَّه «وإنْ لم يَنُصَّ على خلقِ السَّماء، فقد أشارَ إليه بذكرِه في اليوم الخامس: النُّور .. » مَقالٌ منه صَحيح، فإنَّ النُّورَ مَصدرُه الأجرام السَّماويَّة كما قال، وفيه أنَّ النُّور خُلِق في اليوم الخامس، وهو اليومُ المُوافق لبدءِ خلقِ السَّماء في القرآن أيضًا.

لكن قولُه بعدها مُشيرًا إلى خلقِ السَّموات: « .. وفي السَّادس: الدَّواب، وحياة الدَّواب مُحتاجة إلى الحرارة، والنُّور والحرارة مَصدرهما الأجرام السَّماوية»: فمِمَّا لا يصلح للاحتجاجِ به على ما ادَّعاه مِن تلك الإشارة، لأنَّ الدَّواب وإن كانت حياتُها لا تَستغني عن النُّور والحرارة، فإنَّ الشَّجر والنَّبات أحوجُ إلى ذلك مِنها، ومع ذلك قد ذُكِرت في اليوم الثَّالث يومَ الاثنين، أي قبلَ خلقِ السَّموات بيومٍ كاملٍ!

وأمَّا دعوى استغراقِ خلقِ الأرضِ في الحديث ستَّةَ أيَّام:

فتلك معارضة لا تَقوم على ساقٍ، وقد أجاد المُعلِّمي في ردِّها، حين بيَّن أنَّ خلقَ الأرضِ نفسِها في الحديثِ كان في أربعةِ أيَّام كما في القرآن، وأنَّ خلقَ النُّور والدَّواب خارجٌ عن جملةِ ذلك، وأنَّه لا مانعَ مِن أن يُحدِثَ الله في الأرضِ شيئًا أثناء خلقِ السَّماء.

وأمَّا عن المعارضةِ الخامسة؛ أعني مخالفةَ الحديثِ للآثار الدَّالةِ على أنَّ ابتداءِ الخلقِ يوم الأحد:

فصحيح قولُ المُعلِّمي أنَّ ما كان منها مَرفوعًا هو أضعف مِن هذا الحديث


(١) انظر «فيض القدير» للمُناوي (٣/ ٤٤٧)، و «الأنوار الكاشفة» للمعلمي (ص/١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>