للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: «إنَّ الأمر الَّذي تحقَّقتُ فيه: أنَّه (أسطورة) هو ذلك الوَهم الَّذي يؤكِّد أنَّ الدجَّال محبوسٌ في مكانٍ ما» (١).

وآخر مَن علمتُه كتَبَ في هذا الحديث يردُّه د. حاكم المطيري في كُتَيِّبه «دراسة لحديث الجساسة، وبيان ما فيه من العلل في الإسناد والمتن».

قلتُ: ومِن المُتَحقَّق علمُه بين نُقَّاد الحديث صِحَّة إسنادِ حديثِ فاطمة بنت قيس، وبراءةُ متنِه ممَّا يُستنَكر، وإن كان فيه ما قد يُستشكَل على بعضِ الأذهان، ولا أعَلمُ حتَّى ساعتي هذه مَن رَدَّه وطَعَن فيه مِن الأئمَّة المُعتبَرين قديمًا أو حديثًا؛ بل البخاريُّ مع إعراضِه عن إخراجِه، واكتفائِه بإخراجِ حديثِ جابرٍ الواردِ في ابن صيَّاد (٢)؛ سالِكًا في ذلك نوعًا مِن مسالِك التَّرجيح: قد صرَّحَ بصِحَّتِه، كما سيأتي عليه البَيانُ تفصيلًا في موضعِه مِن هذا المَبحث.

وكذا صَرَّح بصحَّتِه غيرُ واحدٍ مِن أئمَّة الحديثِ، منهم:

التِّرمذيُّ في قوله: «حَسن صَحيح غَريب» (٣).

وصَحَّحَه الدَّارقطنيُّ (٤)، وابن عبد البرِّ (٥)، بل عَدَّه أبو نُعيم الأصبهانيُّ مِن الأحاديث المُتَّفق على صِحَّتِها (٦)؛ بل لا تَكاد تَرى مُصَنِّفًا في علومِ الحديثِ إلَّا مَثَّل به على روايةِ الأكابر عن الأصاغِر، لروايةِ النَّبي صلى الله عليه وسلم ما سمِعه عن تميمٍ للصَّحابة.

وعلى هذا؛ كان النَّظر مِنَّا مُتوجِّهًا إلى ما ثوَّره (رشيد رضا) وغيرُه على هذا الحديث مِن معارضات عقليَّةٍ، فكان أبرز ما وجدناه منهم عليه من نَقداتٍ مُنتظِمٌ في المعارضاتِ التَّالية:


(١) «الرسائل والمسائل» لأبي الأعلى المودودي (١/ ٤٧)، نقلًا عن «زوابع في وجه السنَّة» (ص/٢١٠).
(٢) سيأتي تخريجه قريبًا.
(٣) «جامع الترمذي» (٤/ ٥٢١).
(٤) «المؤتلف والمختلف» للدراقطني (٢/ ١٠٥٨).
(٥) «الاستذكار» (٨/ ٣٣٣).
(٦) «حلية الأولياء» (٨/ ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>