للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حدَّثتْ بذلك فاطمة بنت قيس في سياقٍ طويلٍ!

قال لي طالب يسمع الدَّرس: هل يمكن أن نذهبَ في رحلةٍ إلى هذه الجزيرة؛ لنرى الدَّجال؟

قلتُ له: وماذا تفعل برؤيتِه؟ الدَّجالون كثيرون، وإذا تحصَّنت بالحقِّ نَجوتَ منهم، ومن كبيرِهم عندما يخرج!

قال: ألم يزُرْ أحدٌ هذه الجزيرة بعد تميم الدَّاري؟

فآثرتُ السُّكوتَ، وحرَّفْتُ الطَّالبَ عن الموضوع بلباقةٍ.

إنَّ أساطيلَ الرُّومان، والعرب، والتُّرك، والصَّليبيِّين؛ تجوب البحرَ الأبيض المتوسِّط والأحمر من بضعة عشر قرنًا، ولم ترَ هذه الجزيرة؛ وفي عصرنا هذا طُرِق كلُّ شِبرٍ في البرِّ والبحر، والتُقِطت صورٌ لأعماقِ المحيطات عن طريقِ الأقمار الصناعيَّة، فأين تقع هذه الجزيرة؟! .. » (١).

المعارضة الرَّابعة: أنَّ الحديثَ مُعارَضٌ بقول النَّبي صلى الله عليه وسلم: «لا تَأتي مائة سَنةٍ وعلى الأرض نفسٌ منفوسةٌ اليوم» (٢):

فلو كان الدَّجال مَوجودًا وقتَها لهلَك قبل تمامِ المائة، ولعارَضَ ما ثَبت قطعًا مِن خروجِه قُبيل السَّاعة.

يقول محمَّد العُثَيمين (ت ١٤٢١ هـ) في تقريرِ هذه المعارضة: «ثَبَت في «الصَّحيحين» عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّه على رأسِ مائةِ سنةٍ، لا يبقى على وجهِ الأرضِ مِمَّن هو عليها اليوم أحَد»، فإذا طَبَّقنا هذا الحديث على حديثِ تميم الدَّاري رضي الله عنه، صارَ مُعارضًا له؛ لأنَّ ظاهرَ حديث تميم الدَّاري رضي الله عنه أنَّ هذا الدَّجال يبقى حتَّى يخرج، فيكون معارضًا لهذا الحديث الثَّابت في الصَّحيحين» (٣).


(١) «السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» (ص/٢٠٣ - ٢٠٤).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه (برقم: ٢٥٧٣).
(٣) «مجموع فتاوى ورسائل العثيمين» (٢/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>