للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وشاعرها؟! فقال: لو كان كذلك لم أقل هذا له. فقال الفرزدق: مَنْ أنت لا أمّ لك! قال: رجل من الأنصار من بني النّجار، ثم قال: أنا ابن أبي بكر بن حزم، بلغني أنّك تقول: أنا شاعر العرب، وتزعمه مضر، وقد قال صاحبنا حسان شعرًا: فأردت أن أعرضه عليك، وأُؤجلك سنة، فإن قلت مثله، فإنَّك أشعر العرب، وإلَّا فأنت كذّاب منتحل ثم أنشده (١):

لَنَا الجَفَنَاتُ الغُرُّ يَلْمَعن في الضُّجى … وَأَسْيَافُنَا يَقْطُرْنَ مِنْ نَجْدَةٍ دَمَا] (٢)

مَتَى مَا تَزُرْنَا مِنْ مَعَدٍّ بِعُصْبَةٍ … وَغَسَّانَ نَمْنُعْ حَوْضَنَا أَنْ يُهَدَّمَا

بِكُلِّ فَتَى عَارِي الأَشَاجِع لَاحَه … طِرَادُ الكُمَاةِ يَرْشح المِسْكَ وَالدَّمَا

أَبَى فُعْلُنَا المَعْرُوف أنْ نَنْطقَ الخَنَا … وَقَائلُنَا بِالعُرْفِ ألَّا تَكلَّمَا

وَلِدْنَا بَنِي العَنْقَاءِ وَابْنَي مُحَرِّقٍ … فَأَكْرِمْ بِنَا خَالًا وأَكْرِمْ بِنَا ابْنَما

[وأنشد القصيدة إلى آخرها، فانصرف الفرزدق مغضبًا، يسحب رداءه، ما يدري أيْنَ (٣) طرفه، حتّى خرج من المسجد، وأقبل عليَّ كُثَيِّر فقال: قاتل الله الأنصاري،! ما أفصح لهجته! وأوضح حجَّتَه، وأجود شعره! قال فلم نزل، في حديث الفرزدق والأنصاري، بقيّة يومنا، حتّى إذا كان الغد، خرجت إلى مجلسي بالأمس، [وأتاني كُثَيِّر فجلس معي،


(١) الديوان ٣٥، والنقائض ٥٤٦.
(٢) من قوله "ولولا حسان" حتّى "دما" ساقط من ح، وفيها "وبعده".
(٣) في الأصل "أية".

<<  <  ج: ص:  >  >>