أنت المليك عليهم … وهم العبيد إلى القيامهْ فرق لهم حجر، وأمر برجوعهم إلى ديارهم، فاضطغنوا عليه ما فعل بهم فقتلوه. وأصحاب المعاني يقولون في قوله: جعلت لها عودين من … نشم وآخر من ثمامهْ أنه أراد: جعلت لها عودين، عودًا من نشم، وآخر من ثمامة، فحذف الموصوف وأقام صفته مقامه. فقوله: و"آخر" على هذا التأويل ليس معطوفًا على عودين لأنك إنْ عطفته عليهما كانت ثلاثة، وإنّما هو معطوف على الموصوف الذي حذف، وقامت صفته مقامه، فهو مردود على موضع المجرور، وهذا قبيح في العربية لأنّ إقامة الصّفة مقام الموصوف، إنما يحسن في الصفات المحضة، كقولك: جاءني العاقل، ومررت بالظريف. فقولك: جاءني العاقل أحسن من قولك: جاءني الطويل؛ لأنّ العقل يختص بالإنسان، ولا يختصّ به الطويل، فإذا لم تكن الصّفة محضة وكانت جملة أو فعلًا أو مجرورًا لم تجز إقامتها مقام الموصوف وقد جاء من ذلك قليل: لو قلت ما في قومها لم يتثم … يفضلها في حسب وميسم أراد أحد يفضلها، ونحو قوله: كأنك من جمال بني أقيس ومعنى البيت: إن عبيدًا ضرب النشم مثلًا لذوي الحزم وصحة التدبير، وضرب الثمام مثلًا لذوي العجز والتقصير. فأراد أن ذوي العجز منهم شاركوا ذوي الحزم في آرائهم فأفسدوا عليهم تدبيرهم، فلم يقدر الحكماء على إصلاح ما جناه السفهاء. كما أنّ الثمام في خالط النشم في بنيان العش، أفسد العش وسقط لوهن الثمام وضعفه، ولم يقدر النشم على إمساكه لشدّته وقوّته". وهذه الحاشية من كلام ابن السيد في الاقتضاب ٣١٤ - ٣١٥.