للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فما زلت أقول: صدراً، ويقول عجزاً، حتى ظننت أنه قال القصيدة، وسرقها جرير منه.

ثم قال: ويحك! دعنا من هذا، أذكر الحجاج فيها؟! قلت: نعم، قال: إياه أراد.

ومثله ما يحكى أن سليمان بن عبد الملك، أتي بأسرى من الروم، نحواً من أربع مئة، فجعل يدفع الأسرى إلى وجوه من معه فيقتلونهم، حتى دفع إلى جرير رجلاً، فدست إليه بنو عبس سيفاً قاطعاً، فضرب به، فأبا رأسه، ودفع إلى الفرزدق أسير، ودفع إليه سليمان سيفاً، وقال: اقتله به.

فقال: لا: بل أضربه بسيف مجاشع، واخترط سيفه، فضربه به، فلم يغن شيئاً.

فقال له سليمان: والله لقد بقي عليك عارها وشنارها.

فذكر أن الفرزدق، قال لرواته وأصحابه، كأني بابن المراغة قد قال:

بسيفِ أبي رغوانَ سيفِ مجاشعٍ ... ضربتَ ولمْ تضربْ بسيف ابنِ ظالمِ

ضربتَ بهِ عند الإمامِ فأرعشتْ ... يداكَ وقالوا: محدث غيرُ صارمِ

قال: فما لبث إلا يسيراً، حتى جاءت القصيدة، وفيها هذان البيتان، فعجبنا من فطنة الفرزدق.

<<  <  ج: ص:  >  >>