ومن نون، اعتقد تنكيرها، وتصور معنى المصدر النكرة، كأنه قال: بعداً بعداً، ومن لم ينون، اعتقد تعريفها، وتصور معنى المصدر المعرفة، كأنه قال: البعد، فجعل التنوين دليل التنكير، وعدمه دليل التعريف.
و"هيهاة" من ذوات الأربعة المضعفة من الياء، من باب حاحيت، وصيصية، وأصلها بوزن "القلقلة" و"الحقحقة"، فانقلبت الياء ألفاً، لتحركها، وانفتاح ما قبلها، فصارت "هيهاة"، "كالسلقاة"، و"الجعباة"، وإن كانت الياء التي انقلبت عنها ألف "سلقاة"، و"جعباة"، زائدة وياء "هيهية" أصلاً، فلما جمعت، كان قياسها على قولهم:"أرطبات""وعلقيات" أن "يقولوا فيها هيهات، إلا أنهم حذفوا هذه الألف، لالتقاء الساكنين، لما كانت في آخر اسم مبني، كما حذفوها في ذان، واللتان، وتان، ليفصلوا بين الألفات في أواخر المبنية، واللفات في أواخر المتمكنة، على هذا حذفوها في أولات، وذوات، لتخالف ياء "حصيات" "ونويات".
والاسم بغدها يرتفع علة حد ارتفاع الفاعل بفعله، قال:
هيهاتَ منزلنا بنعفِ سويقةٍ ... كانتْ مباركةً على الأيامِ