زعموا ان "رقاش" أخت "جذيمة" تزوجها عدي، في خبر طويل، فولدت له غلاماً، فسمته عمراً، وربته حتى ترعرع، وألبسته ثياباً، ثم أزارته خاله، فأعجب به، وسوده، وأكرمه وحباه، وقربه.
ثم إن الجن استطارعه فيما زعموا، فلم يزل جذيمة يرسل في الآفاق في طلبه، فلم يسمع له خبراً.
فأقبل رجلان، يقال لأحدهما: مالك، وللآخر عقيل، ابنا فالج، وهما يريدان الملك جذيمة بهدية، فنزلا على ماء، ومعهما قينة يقال لها: أم عمرو فنصبت لهما قدراً، وأصلحت لهما طعاماً، فبينا يأكلان، إذا أقبل رجل أشعث أغبر، قد طالت أظفاره، وساءت حاله، حتى جلس مزجر الكلب، فمد يده، فناولته شيئاً، فأكله، ثم مد يده، فقالت "إن يعط العبد كراعاً يبتغ ذراعاً"، فأرسلتها مثلاً، ثم ناولت صاحبها، من شرابها، وأوكت زقها، فقال عمرو بن عدي هذا الشعر:
صددتِ الكأسَ عنَّا أمَّ عمرو ... وكانَ الكأسُ مجراها اليمينا
وما شرُّ الثَّلاثةِ أم عمرو ... بصاحبكِ الَّذي لا تصحبينا
فقال له الرجلان: من أنت.؟ فقال:
إنْ تنكراني أو تنكرا حسبي ... فأنا عمروٌ وعديٌّ أبي