للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالجواب: أن حذف الموصوف، وإقامة الصفة مقامه، على كل حال قبيح. وهو في بعض الأماكن أقبح منه في بعض. وهو مع الفاعل أشد قبحاً منه مع المفعول، لأن الفاعل لا يكون إلا اسماً صريحاً، والمفعول ليس كذلك. قد يكون اسماً صريحاً، وغير صريح، ألا ترى إلى قولهم: ظننت زيداً يقوم، وحسبت أخاك يضرب زيداً، قال النابغة:

فألفيتهُ يوماً يبيرُ عدوَّهُ ... وبحرَ عطاءٍ يستخفُّ المعابرا

والصفة في كلام العرب على ضربين: إما للتخليص والتخصيص، وإما للمدح والثناء.

وكلاهما من مقامات الإسهاب والإطناب، لا من مظان الإيجاز والاختصار. وإذا كان ذلك كذلك لم يلق الحذف به، ولا تخفيف اللفظ منه. هذا مع ما ينضاف إلى ذلك من الإلباس وضد البيان، ألا ترى أنك إذا قلت: "مررت بطويل" لم يستبن من ظاهر هذا اللفظ الممرور به، إنسان دون رمح أو ثوب، أو نحو ذلك.

وإذا كان كذلك كان حذف الموصوف إنما هو متى قام الدليل عليه، أو شهدت الحال به.

وكلما استبهم الموصوف كان حذفه غير لائق بالحديث.

ومما يؤكد عندك ضعف حذف الموصوف، وإقامة الصفة مقامه أنك تجد من الصفات ما لا يمكن حذف موصوفه، وذلك أن تكون الصفة جملة، نحو قولك: "مررت

<<  <  ج: ص:  >  >>