وأجازه أبو بكر بن السراج، وأبو العباس المبرد، وجماعة من النحويين، على جهة التأكيد، وكلهم احتج ببيت جرير هذا، ومنعه جماعة. وسيبويه رحمه الله، لا يجوز عنده. إظهار هذا المضمر، لأن المفسر يغني عن إظهاره، فإذا لم يذكر المفسر، أظهر الفاعل.
قال أبو علي الفارسي:"إذا قلت: نعم الرجل رجلاً" فقولك: "رجلاً" توكيد، لأنه مستغنى عنه بذكر الرجل أولاً، وهو بمنزلة قولك: عندي من الدراهم عشرون درهما، وقيل: إن هذا من ضرورة الشعر.
والسيرافي لا يجيز الجمع بينهما، وقال أبو الفتح بن جني:"الرجل" في قولك: نعم الرجل زيد، غير الرجل المضمر في "نعم" من نحو قولك: نعم رجلاً زيد، لأن المضمر على شريطة التفسير، لا يظهر ولا يستعمل ملفوظاً به، ولذلك قال سيبويه:"هذا باب مالا يعمل في المعروف إلا مضمراً" أي: إذا فسر بالنكرة، في نحو: نعم رجلاً زيد، فإنه لا يظهر أبداً، وإذا كان كذلك، علمت زيادة "الزاد" في بيت جرير، وذلك أن فاعل "نعم" مظهر، فلا حاجة به إلى التفسير، ومثله "اللام" في قولنا: "الآن حد الزمانين"، غير اللام في قوله سبحانه:(قالوا الآن جئت بالحق) ، لأن "الآن" من قولهم: الآن حد الزمانين "بمنزلة الرجل أفضل من