أنه أراد: جعلت لها عودين، عوداً من نشم، وآخر ثمامه، فحذف الموصوف، وأقام صفته مقامه.
فقوله:"وآخر" على هذا التقدير، ليس معطوفاً على"عودين"، لأنك إن عطفته عليه كانت ثلاثة، وإنما هو معطوف على الموصوف المحذوف وقامت صفته مقامه، فهو مردود على موضع المجرور.
هذا قبيح في العربية، لأن إقامة الصفة مقام الموصوف، إنما يحسن في الصفات المحضة، كقولك: جاءني العاقل، ومررت بالظريف، ولا يحسن أيضاً في الصفة المحضة حتى تكون صفة مختصة بالموصوف دالة عليه.
وكلما ازدادت الصفة عموماً ضعف إحلالها محل موصوفها فقولك: جاءني العاقل، أحسن من قولك: جاءني الطويل، لأن العاقل يختص بالإنسان، ولا يختص به الطويل.
فإذا لم تكن الصفة محضة، وكانت شياً ينوب مناب الصفة من مجرور أو ظرف أو فعل لم تجز إقامتها مقام الموصوف.
فلا يحسن أن تقول: جاءني من بني تميم، وأنت تريد: رجلاً من بني تميم، ولا لقيت يركب، وأنت تريد: رجلاً يركب.
وقد جاء من ذلك شيء قليل، لا يقاس عليه، أنشد سيبونه:
لو قلت ما في قومها لم تيثمِ ... يفضلها في حسبٍ وميسمِ