للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجهُ الدَّلالة من الحديث:

دلَّ الحديث دَلالةً صريحة على أن التيمُّمَ لا يبيح صلاتَين مفروضتَين، ودلَّ قوله: (من السُّنّة) على أن ذلك مقتضى سُنّة محمد -صلى الله عليه وسلم- (١).

نوقِشَ من وجهين:

أ. الحديث في سنده ضعف؛ فلا يُحتَجُّ به (٢).

ب. لو صحَّ فيحتمل أن المراد أن لا يصلِّيَ به صلاتَين في وقتَين بدليل أنه يستبيح به أكثر من صلاة من التطوع؛ وإنما امتنع أن يصلي به فرضين في وقتين لبطلان التيمُّم بخروج الوقت (٣).

الدليل الثاني: التيمُّم طهارة ضرورة، فلا يجمع فيها بين فرضَين كما لو كان في وقتَين، كطهارة المستحاضة (٤)

الدليل الثالث: لا يُستباح بالتيمُّم مكتوبتَين، لأن الفريضة الثانية ليست تبعًا للأولى (٥).

نوقِشَ الدليلان: التيمُّم بعد الفراغ من الفرض الأوّل يُعَدُّ تيمُّمًا صحيحًا مبيحًا للتطوع به؛ نوى به المكتوبة، فكان له أن يصل به فرضًا كحالة ابتدائه (٦).

[الترجيح]

بعد عرضِ الأقوال وأدلّتِها، يظهَرُ أن الراجح في المسألة - والله أعلم - هو القول الأوّل القائل: يُستباح بالتيمُّم الفريضة، ومثلها، وما هو دونها، ما دام في الوقت؛ وذلك لأن فيه توسعة على المكلَّفين، ولما ورد من مناقشات على استدلال القول المخالف، علمًا أن هذه المسألة لا ترد، لأن


(١) انظر: فتح الباري، لابن رجب (٢/ ٢٦٢ - ٢٦٣)، البدر التمام (٢/ ١٦٨).
(٢) انظر: المبدع (١/ ١٩٤).
(٣) انظر: الشرح الكبير، لأبي الفرج (٢/ ٢٣٤).
(٤) انظر: البيان، للعمراني (١/ ٣١٥)، الشرح الكبير، لأبي الفرج (٢/ ٢٣٣).
(٥) انظر: الحاوي (١/ ٢٤٥).
(٦) انظر: الشرح الكبير، لأبي الفرج (٢/ ٢٣٤).

<<  <   >  >>