للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: حجية نفي الفارق.]

قبل بيان حجية نفي الفارق، يحسن التنبيه إلى أن العلماء لم يتفقوا على تسميته قياسًا، بل اختلفوا في ذلك، فمنهم من يسميه قياسًا، ومنهم من يسميه استدلالًا.

والسبب في ذلك: أن بعض العلماء لا يرى دخول نفي الفارق في القياس لمنافاته حقيقته (١).

ولكن جمهور الأصوليين (٢) يدخلون نفي الفارق في القياس، ويعدونه قسما من أقسامه، فليس القياس عندهم مقتصرًا على قياس العلة، بل تدخل فيه أقسام أخرى.

وإن كان الجامع في نفي الفارق بين الفرع والأصل مجرد نفي الفارق، إلا أنه لا يخلو من وجود معنى يشتركان فيه.

وإن الفرق بين القياس بنفي الفارق و قياس العلة: أن نفي الفارق لم يصرح فيه بالعلة، وقياس العلة مصرح بها فيه (٣).

وعدم التصريح بالعلة لا يُعد سببًا لإخراج نفي الفارق عن مسمى القياس، والله أعلم.

ومما يدل على حجية نفي الفارق بما يلي:

١ - أن القياس المعتبر شرعًا - وهو حجة عند أهل العلم - يشمل نفي الفارق، لأنه عبارة عن إلحاق فرع بأصل في الحكم لعدم وجود فارقٍ بينهما (٤).

٢ - اعتبر كثير من الأصوليين القياس بنفي الفارق أحد أقسام القياس، فلو لم يكن حجة لما


(١) انظر: البحر المحيط، للزركشي (٧/ ٦٥ - ٦٦)، شرح مختصر الروضة (٣/ ٣٥٣).
(٢) انظر: المستصفى، للغزالي (١/ ٣٠٧)، الإحكام للآمدي (٤/ ٤)، البحر المحيط، للزركشي (٧/ ٦٥)، التقرير والتحبير، لابن أمير حاج (١/ ٢٨٧)، التحبير، للمرداوي (٨/ ٣٧٤٢).
(٣) الإحكام في أصول الأحكام (٤/ ٤).
(٤) انظر: الرسالة (١/ ٤٧٩، ٥١٢).

<<  <   >  >>