للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل - يجوز التحلل بالحصر الخاصِّ - حبسًا - مطلقًا - بما يلي:

الدليل الأوّل: قال الله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (١).

الدليل الثاني: عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حِينَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِي الفِتْنَةِ قال: (إِنْ صُدِدْتُ عَنِ البَيْتِ صَنَعْتُ كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ) (٢).

وجهُ الدَّلالة من الآية والحديث:

دلَّتِ النصوص على أن الشارع - عزّ وجلّ - جعل الإحصار عذرًا يتحلل به المحرِم من نُسُكه من غير تفصيل، فكل مانع، أو حابس منع المحرِم، وحبسه عن العمل الذي فرضه الله عليه في إحرامه ووصوله إلى البيت الحرام، له أن يتحلل بسببه (٣).

يمكن أن يناقَش: عموم النصوص لا تشمل المحبوس بحق؛ لأن إحصاره يُعَدُّ من قبل نفسه، فهو إن دخل في الحصر صورة فإنه لا يدخل فيه معنى.

[الترجيح]

بعد عرضِ الأقوال وأدلّتِها، يظهَرُ أن الراجح في المسألة - والله أعلم - هو القول الأوّل القائل: لا يجوز التحلل بالحصر الخاصِّ - حبسًا - إذا كان بحق؛ وذلك لقوة هذا القول ووجاهة استدلاله.


(١) سورة البقرة، الآية (١٩٦).
(٢) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الحديبية (٥/ ١٢٧) (٤١٨٣)، ومسلم، كتاب الحج، باب بيان جواز التحلل بالإحصار وجواز القران (٢/ ٩٠٣) (١٢٣٠).
(٣) انظر: تفسير الطبري (٣/ ٢١ - ٢٣)، بدائع الصنائع (٢/ ١٧٥)، شرح صحيح البخاري، لابن بطال (٤/ ٤٥٦).

<<  <   >  >>