للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خشوعها، وذلك يشابه قطعها حقيقة (١).

الدليل الثالث: الفعل الكثير في الصلاة من غير جنسها يعد منافيًا لها ومخرجًا عن وصفها، وذلك متحقق في السهو والعمد (٢).

واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل- لا تبطل الصلاة بالفعل الكثير -من غير جنسها- سهوًا-بـ:

عن أبي هريرة –رضي الله عنه-قال: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَاةَ الْعَصْرِ، فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ، فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ: أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللهِ أَمْ نَسِيتَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ) فَقَالَ: قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ، يَا رَسُولَ اللهِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: (أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟) فَقَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ (فَأَتَمَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا بَقِيَ مِنَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، وَهُوَ جَالِسٌ، بَعْدَ التَّسْلِيمِ) (٣).

وجه الدلالة من الحديث:

النبي - صلى الله عليه وسلم - مشى وتكلم، ودخل منزله، وكل ذلك يعد فعلًا كثيرًا من غير جنس الصلاة؛ ومع ذلك بنى على صلاته (٤).

يمكن أن يناقش:: لم يكن عمله ذلك حال تلبسه بالصلاة، ولم يكن داخلًا فيها.

[الترجيح]

بعد عرض الأقوال وأدلتها يظهر أن الراجح في المسألة-والله أعلم- هو القول الأوّل القائل:


(١) انظر: التعليقة (٢/ ٨٣٨)، كفاية الأخيار (١/ ٩٨)، الممتع، للمنجى (١/ ٤٠٥).
(٢) انظر: المبدع (١/ ٤٣١)، كشاف القناع (١/ ٣٩٨).
(٣) تقدم تخريجه ص ٢٧٩.
(٤) انظر: الإنصاف (٤/ ١٨).

<<  <   >  >>