للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: إن لأقل الحيض مدة ولأقل الطهر مدة، وما نقص عن أقل الحيض لا يعتد به كذلك ما نقص عن أقل الطهر لا يعتد به، فلم يعتبر طهر صحيح بدلالة أنه لا يفصل بين دمين، فصار كالانقطاع إذا لم يوجد معه نقاء (١).

يمكن أن يناقش: هذا اعتراض بمحل النزاع فلا يستقيم.

الدليل الثالث: جرت عادة النساء في الحيض بأن يجري الدم زمانا ويستمسك زمانا، وليس من عادته أن يستديم جريانه إلى انقضاء مدته، فلما كان زمان إمساكه حيضًا؛ لكونه بين دمين كان زمان النقاء حيضا لحصوله بين دمين، فعلى هذا تكون الخمسة عشر كلها حيضًا (٢).

نوقش:

الفترة المعتادة بين دفعتي الدم حيض بلا خلاف، وأما ما زاد عنها من النقاء فهو طهر (٣).

الدليل الرابع: لو كان ما رأته من النقاء طهرًا لانقضت العدة بثلاثة منها (٤).

نوقش:

لا تنقضي العدة به؛ لأن على المرأة أن تعتد بأقراء كاملة، وهذا كله قرء واحد تفرق عليها وضم بعضه لبعض فكان حيضة واحدة وما بينه من الطهر ملغى (٥).

[الترجيح]

بعد عرض الأقوال وأدلتها يظهر أن الراجح في المسألة -والله أعلم- هو القول الأوّل القائل: يعتبر الطهر فاصلًا، ويُضَم الدم إلى الدم بجمع أيامه دون أيام الطهر، سواء كان قدر النقاء أكثر من قدر الدم أو مثله أو أقل منه، وذلك لقوة أدلة هذا القول ودلالتها على المراد، والمناقشات


(١) التجريد للقدوري (١/ ٣٥٦).
(٢) انظر: الحاوي (١/ ٤٢٤)، شرح العمدة، لابن تيمية (١/ ٥١٣).
(٣) انظر روضة الطالبين (١/ ١٦٢).
(٤) المهذب في فقه الإمام الشافعي، للشيرازي (١/ ٧٨)، شرح العمدة، لابن تيمية (١/ ٥١٣).
(٥) انظر: مواهب الجليل (١/ ٣٦٦)، التهذيب للبغوي (١/ ٤٧٠).

<<  <   >  >>