للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: معنى نفي الفارق وحجيته،]

وفيه مطلبان:

المطلب الأوّل: معنى نفي الفارق.

عند تتبع مصطلح "نفي الفارق" في كتب أصول الفقه، فإننا نجد أن أكثرهم لا يعرِّفه بتعريف محدد، إما لوضوحه عندهم، أو لأنه يرد في بعض مباحث القياس.

وممن بين معناه اصطلاحًا ابن القيم - رحمه الله- بقوله: "هو أن لا يكون بين الصورتين فرقٌ مؤثر في الشرع" (١).

وذُكِر في المعجم أن: "نفي الفارق: أن يبين المجتهد أن الفرع لم يفارق الأصل إلا فيما لا يؤثِّر بما يلزم اشتراكهما في المؤثر".

"مثاله: أن يبين المجتهد أن الإسكار في الخمر لا يختلف عن الإسكار في المخدرات، وبالتالي فإن الإسكار ينبغي عده علة تحريم الخمر" (٢).

من خلال التعريفات السابقة يتبين لنا أن نفي الفارق عمل يقوم به المجتهد، يتوصل به إلى إلحاق فرع لم يُنص على حكمه بأصل المنصوص أو مجمع على حُكْمه، والطريق لمثل هذا القياس نفي الفارق المؤثر بين الفرع والأصل، إذ يوجب هذا النفي اشتراكهما في الحكم الشرعي؛ لأن الشارع الحكيم لا يفرق بين المتماثلين، كما أنه لا يسوي بين المختلفين، ولا ينظر في هذا الإلحاق إلى الفارق غير المؤثر في الشرع؛ لأن وجوده كعدمه، ولهذا جاء في شرح مختصر الروضة في تعريف القياس في معنى الأصل: " هُوَ مَا لَا فَارِقَ فِيهِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَارِقٌ لَا أَثَرَ لَهُ " (٣).


(١) إعلام الموقعين، (١/ ٢٩٠).
(٢) معجم مصطلحات أصول الفقه، د. سانو ص (٤٦١ - ٤٦٢).
(٣) (٣/ ٤٣٩).

<<  <   >  >>