للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الأوّل: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ لَيْلَةً، فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ - رضي الله عنه - يُصَلِّي يَخْفِضُ مِنْ صَوْتِهِ، قَالَ: وَمَرَّ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَهُوَ يُصَلِّي رَافِعًا صَوْتَهُ، قَالَ: فَلَمَّا اجْتَمَعَا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: (يَا أَبَا بَكْرٍ، مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي تَخْفِضُ صَوْتَكَ)، قَالَ: قَدْ أَسْمَعْتُ مَنْ نَاجَيْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَقَالَ لِعُمَرَ: (مَرَرْتُ بِكَ، وَأَنْتَ تُصَلِّي رَافِعًا صَوْتَكَ)، قَالَ: فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُوقِظُ الْوَسْنَانَ، وَأَطْرُدُ الشَّيْطَانَ» (١).

وجه الدلالة من الحديث:

إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - من جهر على جهره، ومن أسر على إسراره؛ يدل على جوازهما، وأن للمنفرد ما شاء منهما (٢).

الدليل الثاني: المنفرد أشبه المأموم في عدم إرادة إسماع غيره بالقراءة؛ فجاز له الإسرار، وأشبه الإمام في كونه إمامًا في نفسه؛ فجاز له الجهر. (٣).

واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل- يستحب للمنفرد الجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية، سواء أكانت أداءً أو قضاءً-بما يلي:

الدليل الأوّل: الجهر بالقراءة سنة مقصودة؛ لما فيه من من تدبر القرآن، وهو للمنفرد أولى؛ بسبب قدرته على إطالة القراءة لعدم ارتباطه بغيره (٤).

يمكن أن يناقش: هذا المعنى يتأكد في الإمام لحاجة إسماع غيره، أما المنفرد فيحصل تدبره سواء أسر أم جهر.


(١) تقدم تخريجه ص ٢٤١.
(٢) انظر: التعليق الكبير، أبو يعلى (١/ ٢٤٨).
(٣) انظر: بدائع الصنائع (١/ ١٦١)، المحيط البرهاني (١/ ٣٠٠)، تبيين الحقائق (١/ ١٢٧)، الشرح الكبير، لأبي الفرج (٣/ ٤٦٨)، المبدع (١/ ٣٩٢).
(٤) انظر: الحاوي (٢/ ١٥٠)، بحر المذهب (٢/ ٧٠)، المجموع (٣/ ٣٩٠).

<<  <   >  >>