للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرخصة لغيرهم (١).

الدليل الثاني: المبيت بمنى ليس نُسُكًا مقصودًا بذاته، إنما هو للاستعداد لغيره، وهو الرمي بالنهار، وهو المقصود بالمقام في منى، وجاءت الليالي تبعًا، ولو ترك الحاج المقام بمنى نهارًا لم يجب عليه شيء؛ فعدم وجوبه بترك المبيت ليلًا من باب أَوْلى (٢).

نوقِشَ من وجهين (٣):

أ. لا تعلق للرمي بالمبيت بمنى ليلًا؛ لأن الاستعداد للرمي لا يحصل أثناءه بدليل أن من فرغ من الرمي نهارًا كره له ترك المقام بها بعد فراغه من الرمي.

ب. لو لم يكن المبيت ليالي منى مقصودًا لما استأذن العباس - رضي الله عنه - أن يبيت بمكة لأجل سقايته، فلو لم يكن نُسُكًا مقصودًا لم يكن لاستئذانه فائدة.

الدليل الثالث: المبيت بمنى ليالي التشريق هو أحد المبيتين بها، فلا يوجب تركه شيئًا كالمبيت بها ليلة عرفة عشية التروية (٤).

نوقِشَ: المبيت بمنى ليالي التشريق يفارق المبيت بها ليلة عرفة، لأن مبيت ليالي التشريق نُسُكٌ مشروع بعد التحلل، فكان واجبًا يجب بتركه الدم، أما مبيت ليلة عرفة فليس بنسك فلم يوجب تركه شيئًا (٥).

واستدلَّ أصحاب القول الثالث القائل - إن ترك المبيت بمنى ليلة واحدة فعليه مُدٌّ، وإن تركه ثلاث ليال فعليه دمٌ – بـ:

قياس ترك مبيت ليلة على الواجب في ترك حصاة الرمي وحلق المحرم شعرة واحدة، لأنه ترك بعض


(١) انظر: التعليقة، لأبي يعلى (٢/ ١٥٤).
(٢) انظر: التجريد، للقدوري (٤/ ١٩٥٨)، العناية (٢/ ٥٠١)، نهاية المطلب (٤/ ٣٣٤).
(٣) انظر: التعليقة، لأبي يعلى (٢/ ١٥٢).
(٤) انظر: شرح العمدة (٢/ ٦٤٣).
(٥) انظر: الحاوي (٤/ ٢٠٦)، نهاية المطلب (٤/ ٣٣٤)، التعليقة (٢/ ١٥٢).

<<  <   >  >>