للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُقبَلُ الجزيةُ ممن وُلِدَ بين أبوَين كتابيَّينِ، ولا تُقبَلُ إذا كان أحدهما كتابيًّا والآخر وثنيًّا، وهو قول للحنابلة (١).

القول الثالث:

الولد يتبع الأب في قبول الجزية، وهو مذهب المالكية (٢)، وقول للشافعية (٣).

استدلَّ أصحاب القول الأوّل القائل - تُقبَلُ الجزيةُ ممن وُلِدَ بين أبوَينِ كتابيَّينِ أو أحدهما كتابيٌّ والآخر وثنيٌّ - بما يلي:

الدليل الأوّل: من وُلِدَ بين أبوَين أحدهما مسلم، أُلحِق الولد به في الدين، كذلك من وُلِدَ بين أبوَين أحدهما كتابيٌّ، فإن هذا الكتابي يؤمن بكتاب من كتب الله تعالى، فكان الولد تبعًا له في الدين تغليبًا لحقن الدم؛ وإذا تبعه في الدين قُبِلَتْ منه الجزيةُ مثله لأنه على دينه (٤).

الدليل الثاني: يثبت للكتابي بعض أحكام المسلمين، كالمناكحة وحِلِّ الذبيحة، فيثبت حكم الجزية لمن كان أبواه كتابيَّين أو أحدهما كتابيٌّ، كثبوت الإسلام له لو كان أحدهما مسلمًا (٥).

واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل - تُقبَلُ الجزيةُ ممن وُلِدَ بين أبوَين كتابيَّينِ، ولا تُقبَلُ إذا كان أحدهما كتابيًّا والآخر وثنيًّا – بـ:

من وُلِدَ بينَ أبوَين أحدهما كتابيٌّ، تعارض فيه قبول الجزية وعدمه، فرُجع فيه إلى الأصل، كتغليب جانب التحريم في حِلِّ ذبيحته، لذا يغلب جانب الوثنية في حكم الجزية، فلا تقبل منه (٦).

نوقِشَ من وجهين:


(١) انظر: الهداية، للكلوذاني (١/ ٢٢٢)، الشرح الكبير، لأبي الفرج (١٠/ ٤٠٤).
(٢) انظر: المدونة (٢/ ٢٢٠)، الجامع لمسائل المدونة (٩/ ٣٨٥)، البيان والتحصيل (٥/ ٢٤)، الذخيرة (٤/ ٣٢٤).
(٣) انظر: الحاوي (١٤/ ٣١٢)، بحر المذهب (١٣/ ٣٥٩).
(٤) انظر: التجريد، للقدوري (٩/ ٤٥٦٢)، الكافي، لابن قدامة (٤/ ١٧١)، مغني المحتاج (٦/ ٦٣).
(٥) انظر: شرح مختصر الطحاوي (٤/ ٣٣٨)، المبسوط، للسرخسي (١١/ ٢٤٧)، بدائع الصنائع (٢/ ٢٧١).
(٦) انظر: الممتع، لابن المنجى (٢/ ٣٤٥)، المبدع (٣/ ٣٦٦)، دقائق أولي النهى (٣/ ٤١٨).

<<  <   >  >>