للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بنى «المسجد الكبير» (٧) بالقيروان (٨) الذي يعرف الآن «بمسجد الزيتونة»، وكان يصلي به ويعمره، وإليه ينسب السوق الذي بجواره (٩) يسمى «سوق إسماعيل»، ولم يزل مقيما بالقيروان حتى حضرته نية في الجهاد، فخرج في مركب (١٠) مطوعا في غزاة عطاء بن رافع (١١) فغرق رضي الله تعالى عنه وهو متقلد المصحف، وختم الله عزّ وجلّ أعماله بالشهادة، وكان ذلك في سنة سبع ومائة (١٢).

وعن (١٣) ابن أنعم، قال: قلت لابن المسيب: إن عندنا رجلا من الأنصار يقال له إسماعيل بن عبيد، من العباد إذا سمعنا نذكر شعرا صاح علينا، فقال سعيد:

ذاك رجل نسك نسك العجم/.وكان رحمه الله تعالى يلبس جبة من صوف وكساء من صوف وقلنسوة صوف. وإنما سمى تاجر الله عزّ وجلّ لأنه جعل ثلث كسبه لله تعالى يصرفه في وجوه الخير.

وكان (١٤) يوجه المولدات والأحمال إلى المشرق، فوجه رفقة كلها له، فخرج يشيعهم [إلى قصر الماء] (١٥) فسمع بكاء فقال: «ما هذا؟ » فقيل له: «هؤلاء المولدات الذين وجّهت يبكون مع آبائهم وأمهاتهم وإخوانهم» فبكى إسماعيل وقال: «إن دنيا


(٧) تحدث عنه الدباغ في مقدمته واعتبره من مساجد المدينة المشهورة (المعالم ٢٧: ١ - ٣٠).
(٨) أضاف الدباغ هنا تاريخ تأسيس الجامع «سنة إحدى وتسعين» بينما أرخ بناءه عند حديثه عنه في المقدمة سنة ٩٣.فلعل الأول تاريخ البدء والثاني تاريخ التمام.
(٩) تضيف رواية الدباغ هنا «من غربيّه».
(١٠) في المطبوعة: موكب. والمثبت من الأصل والمعالم.
(١١) ينظر عن هذه الغزوة فتوح مصر ص ٢٠٩ - ٢١٠، والملاحظ‍ أن ابن عبد الحكم يتحدث عن هذه الغزوة ويشير إلى وقوعها في ولاية موسى بن نصير على إفريقية. وكانت ولاية موسى بن نصير على إفريقية بين سنتي ٧٨ و ٩٦.وكانت وفاته سنة ٩٨.وهذا ينافي ما ذكر هنا من حصول الغرق بالمركب سنة ١٠٧.
(١٢) من أول الترجمة إلى هنا أورده الدباغ في المعالم ١٩١: ١ - ١٩٢ مع اختلاف يسير.
(١٣) للخبر صيغة أخرى في طبقات أبي العرب ص ٢٠.
(١٤) الحكاية في طبقات أبي العرب ص ٢٥ والمعالم ١٩٣: ١.ونلاحظ‍ أن المالكي نقل هذا النصّ عن أبي العرب-وإن لم ينصّ على ذلك-آية ذلك أن أبا العرب تحدث عن المولدات بصيغة التذكير وتابعه المالكي على ذلك بينما حاول الدباغ إصلاح النصّ كما تقتضيه القواعد وكذلك فعل ناشر الطبعة السابقة. وقد رأينا الإبقاء على النصّ كما هو عساه يفيد غيرنا من الدارسين.
(١٥) يفهم من الجمع بين نصّي الرقيق (تاريخ إفريقية ص ٨٦) وابن عذاري (البيان ٤٤: ١) أنه موضع يبعد عن القيروان مقدار ميل.