للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شابا له صيانة»، فقبل ذلك منه روح، وولّى عبد الله بن غانم القضاء.

وكان ابن فروخ أشد الناس كراهة في القضاء:

وكان يقول (٦٢): «قلت لأبي حنيفة: ما منعك أن تلي القضاء؟ فقال لي: يا ابن فروخ، القضاء على ثلاثة أوجه (٦٣)، مثل رجل يحسن العوم فأخذ البحر طولا، فما عسى أن يعوم يوشك أن يكلّ فيغرق، ورجل لا بأس بعومه فعام يسيرا فغرق، ورجل لا يحسن العوم فألقى بنفسه في البحر فغرق من ساعته، فهذا يمنعني من القضاء والدخول فيه».

وأرسل (٦٤) يزيد بن حاتم إلى ابن فروخ يسأله عن دم البراغيث في الثوب، هل تجوز الصلاة به؟ فقال: «ما أرى به بأسا»، وقال بحضرة الرسول: «يسألوننا (٦٥) عن دم البراغيث ولا يسألوننا (٦٥) عن دماء المسلمين التي تسفك! ».

وعن (٦٦) عبد الله بن فروخ أنه خرج يوما يصلّي على جنازة فلما تابع رأى (٦٧) إسحاق ابن الأمير يزيد بن حاتم وقد أغرى كلابا كانت معه على ظبي ليضريها به، فنهشت الظبي ومزقت جلده، فلما انصرف من الجنازة لقي إسحاق ابن الأمير الذي كانت الكلاب معه فاستوقفه ابن فروخ، فوقف له إسحاق، فما كناه ابن فروخ ولا زاده على أن قال له: «يا فتى، إني رأيتك آنفا تغري كلابك بشيء من البهائم. وما أحب لك ذلك، لأن النبي، صلّى الله عليه وسلم، نهى عن ذلك (٦٨)» فقبل منه إسحاق وقال له:

«صدقت يا أبا محمد، جزاك الله خيرا» مكنيا له ومعظما، ثم قال: «والله لا فعلت ذلك بعدها أبدا» ثم مضى لوجهه.


(٦٢) النص في تاريخ إفريقية ص ١٧٩، والمدارك ١٠٨: ٣ والمعالم ٢٤٣: ١.
(٦٣) رواية المدارك: القضاة ثلاثة. وفي (م): القضاة على ثلاثة أوجه.
(٦٤) الخبر في تاريخ إفريقية ص ١٨١ والمدارك ١٠٨: ٣ والمعالم ٢٤٤: ١.
(٦٥) في الأصل: يسألونا. والمثبت من (م) والمصادر.
(٦٦) الخبر في المدارك ١٠٩: ٣، المعالم ٢٤٤: ١ - ٢٤٥.
(٦٧) كذا في الأصل. وعبارة المعالم: في باب نافع، فرأي. ولا ذكر لباب نافع في رواية المدارك.
(٦٨) في خصوص ما جاء في ذلك من آثار ينظر: «تحرير البيان في الرفق بالحيوان» للمرحوم ادريس محفوظ‍ الشريف. ط‍.تونس