للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذكر (٦٩) محمد بن وهب (٧٠)، قال: حدثني عمران بن يحيى بن قادم (٧٠)، وكان جارا لابن وهب، قال: كنت أصحب ابن فروخ، وكان ابن فروخ ربما غسل الأموات الغرباء ومن لا أحد له تواضعا لله عزّ وجلّ ورغبة منه في الأجر، وكان يتولى ذلك بنفسه ولا يوليه غيره. قال: فصليت يوما الظهر في الجامع ثم نظر إليّ عبد الله بن فروخ وقال لي: اتبعني، فاتبعته. ولم يزل يتسلسل في الأزقة حتى أتى/بعض خرائب (٧١) باب نافع. فدخل حجرة خربة ودخلت وراءه، فإذا رجل أسود ميت على مغسل، وإذا بقصرية مملوءة ماء وكساء أسود معلق على وتد. فتشمر عبد الله بن فروخ وجمع ثيابه إلى حجره (٧٢) ولم ينزعها. ثم قال لي: «يا ابن أم قادم، صبّ عليّ صبّا رفيقا»، قال: فصببت عليه فجعل يغسل حتى فرغ، ثم أخذ الكساء فكفنه فيه ثم وضعناه على سرير نعشه، ثم قال: «اخرج بنا إلى الطريق»، قال فحملناه حتى أخرجناه إلى الطريق فمر بنا رجل فقال له ابن فروخ: «الجنازة يرحمك الله»، قال:

فحملناه وحمل معنا ابن فروخ حتى صلّينا عليه ودفناه. وكان (٧٣) الناس يتبركون بصحبة ابن فروخ ويجلسون له على طريقه إذا خرج من بيته، فإذا مشى مشى الناس معه، واغتنموا منه دعوة وذكرا وموعظة حتى [يأتي] (٧٤) الجامع، ثم يتشاغل بمسح رجليه خارج (٧٥) الجامع ويقول للناس: «ادخلوا رحمكم الله»، حتى لا يبقى من الناس الذين كانوا معه أحد، فإذا انفرد وبقي وحده، دخل رحمه الله.

قال ابن قادم (٧٦): وخرج يوما من الجامع، فمر في زقاق بني غانم فنظر إلى دار [عبد الله بن عمر] (٧٧) بن غانم القاضي، وهو إذ ذاك على القضاء، ونظر إلى غرفة


(٦٩) ورد الخبر مقتضبا في المدارك ١٠٩: ٣.
(٧٠) اشتهرت عائلتا بني وهب وبني قادم بانتسابهما إلى مذهب العراقيين (الحنفية) وعرفت المصادر ببعض اعلامهما. ينظر: طبقات أبي العرب والخشني ص ٢٢٥، ١٩٧، ١٩٤، ١١٤، معالم الإيمان ١١١: ٢.
(٧١) في الأصل: دوائب. ولعلّ الصواب ما أثبتناه.
(٧٢) في الأصل: حجرته. ولعلّ الصواب ما أثبتناه.
(٧٣) الخبر في المدارك ١٠٦: ٣.وأسنده عن ابن قادم.
(٧٤) زيادة من (م) والمدارك.
(٧٥) في الأصل: برا. والمثبت من (م) والمدارك.
(٧٦) الخبر في المعالم ٢٤٥: ١ بنفس الإسناد.
(٧٧) زيادة من المعالم.