للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيه للنظر بين النساء يلبس فيه فروا دنيّا (٩٩) ويلقى عينيه بالأرض. والذي لم يكن رآه قبل ذلك الوقت يتوهم أنه مكفوف البصر. وكان يزيل الكتّاب والحجّاب من بين يديه إذا جلس للنظر بين النساء.

قال ابن الحداد (١٠٠): وبلغني أنه كان إذا أشرف على إنفاذ حكم لأحد يصلي حزبه من الليل، فإذا جلس في آخر صلاته عرض من أراد أن يحكم له، على الله عزّ وجلّ، ويقول: «اللهم إن فلانا خاصم إليّ فلانا وادعى عليه بكذا وكذا، فسألت فلانا عما ادعى عليه فأنكر، فسألت فلانا هل عنده فيما يدعيه بينة، فأحضرني بينة، فرضيت حالها وصحت عندي عدالتها بكشفي عنها سرا وعلانية، وقد أشرفت على أن أدفع من مال فلان إلى فلان كذا وكذا. اللهم إن كنت أشرفت من ذلك على حق وأمر ترضاه فسدّدني له ووفقني، وإن كنت لم أوفق ولم يكن ذلك كذلك فاصرفه عني. اللهم لا تسلمني! اللهم سلمني! »؛ فلا يزال يعرض الخصوم على ربه عزّ وجلّ ويسأله التوفيق والتسديد حتى يطلع الفجر.

وذكر (١٠١) سليمان بن عمران، في صبره وحلمه، أن رجلا يقال له ابن زرعة له جاه ورئاسة لقي يوما ابن غانم، فشتمه في وجهه في موضع خال ليس فيه أحد، وذلك لأنه (١٠٢) حكم عليه بوجه حق ترتب عليه. فاستعداه (١٠٣) لذلك، فأعرض عنه ابن غانم ولم يرد عليه شيئا، فلما كان بعد ذلك، لقيه بطريق «الرّيدان» (١٠٤) فسلم عليه ابن زرعة، فرد ابن غانم السلام ورحب به، ومضى به معه إلى منزله بالرّيدان، وأكرمه وعمل له طعاما كثيرا، ثم رجع ابن غانم إلى القيروان ومعه ابن زرعة، فلما أراد مفارقته قال ابن زرعة لابن غانم: «يا أبا عبد الرحمن، اغفر لي واجعلني في حلّ مما كان (١٠٥) من خطابي»، فقال له ابن غانم: «أما هذا فلست أفعله


(٩٩) في الأصل: دنسا. والمثبت من المعالم. ورواية تاريخ إفريقية القرق الدني. وفي المدارك: الفرو الخشن.
(١٠٠) النصّ برواية قريبة من هذه في المدارك ٦٩: ٣ - ٧٠ والمعالم ٢٩٤: ١.
(١٠١) الخبر في المدارك ٧٥: ٣ (ملخصا) وفي المعالم ٣٠٨: ١ بنصّه وإسناده.
(١٠٢) في الأصل: انه. والمثبت من المعالم.
(١٠٣) كذا في المعالم أيضا. ويعني: عاداه.
(١٠٤) ينظر تعليقنا أعلاه رقم ٦٠.
(١٠٥) في الأصل: مع ما. والمثبت من المعالم.