للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان عالما بالعربية وعبارة الرؤيا: روى عيسى عن أبي خارجة [أنه قرأ] (٢٣) أن المشط‍ يذهب الوباء، بالتصحيف. وحضره رجل أعرابي فقال له: «يا أبا خارجة، انظر في هذا الحرف إنما هو «الوناء» بالنون».فتفكر أبو خارجة قليلا ثم قال: «نعم والله، هو الوناء وهو الضعف والكلل؛ ودليل ذلك قوله تعالى (وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي) (٢٤) يعني تضعفا».

قال: وشكا نبي من الأنبياء إلى الله عزّ وجلّ الضعف في قومه، فأمره أن يأمرهم أن يأكلوا لحم الثنيان باللبن.

وعنه، رضي الله تعالى عنه (٢٥): أنه خرج إلى «سوسة» فنزل في بعض الطريق واستلقى، وقال لأصحابه: «يأتيكم الساعة رجلان على دابة، فيسألان عن شيء فيسمعان ما يكرهان» (٢٦). فبينما هم كذلك إذ أقبل رجلان على بغلة فسألا عن الشيخ أبي خارجة فأخبرا، فقالا له: رجل له عجل رأى في المنام كأنه خالفه إلى خمير (٢٧) عنده فأكله. فقال له أبو خارجة: هذا رجل يخالفه (٢٨) إلى أهله. فقال [أحد] (٢٩) الرجلين لصاحبه: «قد نهيناه من دخوله إليه فلم ينته».

وكان رحمه الله تعالى ممن ينطق بالحكمة:

عن أبي عثمان سعيد بن حسان أنه قال: أوصى أبو خارجة بعض إخوانه فقال:

يا عبد الله؛ أوصيك بوصية: وهي أن تكون ذاكرا غانما أو ساكتا سالما، وإياك وكثرة الكلام: إن العبد يسأل يوم القيامة عن فضول كلامه كما يسأل عن فضول ماله، وإياك وكثرة الضحك: فإنه يميت القلب، ويذهب بنور الوجه، ويورث الفقر.


(٢٣) زيادة يقتضيها السياق.
(٢٤) سورة طه آية ٤٢.وقارن بتفسير ابن كثير ١٥٣: ٣.
(٢٥) النصّ في المدارك ٣١٨: ٣.
(٢٦) في الأصل: فتسمعا ما تكرها. وفي المدارك: فتسمعون ما تكرهون. والتصويب للناشر الأول.
(٢٧) في الاصل حميره، حرفه الأول مهمل. وقرأه ناشر الطبعة السابقة: حميرة. والمثبت من المدارك. والخمير: العجين أو الخبز. (اللسان: خمر).
(٢٨) في الأصل: يخالف. والمثبت من المدارك. وروايته: عبد خلاسي يخالفه.
(٢٩) زيادة من المدارك.