للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مصيبة ما أعظمها! مات مالك بن أنس. مات أمير المؤمنين في الحديث! » قال: ثم فشا الخبر في المسجد وماج الناس حزنا لموت مالك بن أنس. وكان، بعد موت مالك، إذا حدث عن مالك اجتمع إليه الناس وانسدت (٢٢) عليه الطريق رغبة في حديث مالك، وإذا حدث عن غيره لم يجئه إلا الخواص.

ذكر سليمان بن سالم عن أسد أنه قال لمحمد بن الحسن (٢٣): «إني غريب قليل النفقة. والسماع منك نزر والطلب عندك كثير، فما حيلتي؟ » فقال لي: «اسمع مع العراقيين بالنهار، وقد جعلت لك الليل وحدك، فتأتي فتبيت عندي، «وأسمعك».

قال: فكنت أبيت عنده. وكنت في بيت في سقيفته-وكان يسكن العلو-فكان ينزل إليّ، ويجعل بين يديه قدحا فيه الماء، ثم يأخذ في القراءة، فإذا طال عليه الليل ورآني قد نعست، ملأ يده ونضح به في وجهي، فأنتبه. وكان ذلك دأبي ودأبه حتى أتيت على ما أريد من السماع عليه».

قال أسد رحمه الله تعالى (٢٤): وكنت يوما جالسا في حلقة محمد بن الحسن حتى صاح صائح: «الماء للسبيل! » فقمت مبادرا فشربت من الماء ثم رجعت إلى الحلقة، فقال لي محمد بن الحسن: «يا مغربي شربت ماء السبيل؟ » فقلت:

«أصلحك الله، وأنا ابن سبيل» قال: ثم انصرفت فلما كان عند الليل إذا أنا بإنسان يدق الباب، فخرجت إليه، فإذا خادم محمد بن الحسن فقال: «مولاي يقرأ عليك السلام ويقول لك: «ما علمت أنك ابن سبيل إلا في يومي، فخذ هذه النفقة فاستعن بها على حاجتك».ثم دفع إلي صرة ثقيلة فقلت في نفسي: هذه كلها دراهم، ففرحت بها. فلما دخلت منزلي فتحتها فإذا فيها ثمانون دينارا.

وعن بن أبي زيد الفقيه عن عبد الله بن سعيد بن الحداد عن أبيه سعيد قال (٢٥):

بلغني عن محمد بن الحسن ما أعجبني: وذلك أن أسدا نفدت نفقته، إذ كان يطلب العلم بالمشرق، ولم يبق معه ما يتحمل به في انصرافه إلى إفريقية، فأعلم محمد بن


(٢٢) في الأصل بدون إعجام. وفي (م) والمعالم: استدت.
(٢٣) الخبر بهذا الاسناد في المعالم ٧: ٢ - ٨ وباختصار وتصرّف في المدارك ٢٩٣: ٣.
(٢٤) الخبر في المعالم ٨: ٢ والمدارك ٢٩٤: ٣.
(٢٥) الخبر بهذا الاسناد في المعالم ٨: ٢ - ١٠ والمدارك ٢٩٤: ٣ - ٢٩٥.