للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أهلها كسحنون وأمثاله في ذلك الوقت، وسمع عليه كل معروف بصحبته مثل معمر (٧٤) ومحمد بن وهب ومحمد بن قادم وأبي المنهال (٧٥) وسليمان بن عمران وسائر من يقول بقول الكوفيين. ورحل الناس إليه من البلدان، وسمعوا عليه وتفقهوا به.

فذكر عن عبد الخالق المتعبد (٧٦) أنه أتى إليه فقال له: «يا أبا عبد الله، جئتنا بالرأي وتركت الآثار وما كان عليه السلف»، فقال له أسد: «أما علمت يا عبد الخالق أن قول أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم هو رأي لهم وهو أثر لمن بعدهم، وكذلك [قول] (٧٧) التابعين هو رأي لهم وهو أثر لمن بعدهم؟ وأمّا ما في كتبي من قول ابن القاسم «أرى، وأظن» فلقد كنت أسأله عن المسألة فيجيبني، فأقول له: «هذا قول مالك؟ » فيقول لي: «كذلك أحسب، وكذلك أرى».وكان ابن القاسم ورعا، وكان نكره أن يهجم على الجواب وهو يشك فيه. ولقد دفع إليّ، لما أردت الانصراف إلى إفريقية، كتابا وقال لي: «كنت أجيبك بأجوبة وربما شككت فيها أنها قول مالك. وهذا سماعي من مالك في هذا الكتاب فخذه ليكون عندك، وقابل بما فيه وأصلح ما خالفه عليه»؛ فسكت عبد الخالق.

وعن أبي سنان الفقيه (٧٨) أنه قال: «كنت جالسا عند البهلول وأتاه رجل فقال:

«إني أمرت ابني بشيء وقلت له: «إن لم تفعله فأمك طالق، إن قدرت لك على مال لارددته عليك».فلم يجبه بشيء وسكت عنه إلى أن جاء أسد فقال له: «سل هذا»، فسأله عن المسألة فقال له أسد: «طلق أمه واحدة بائنة، واتركها حتى تنقضي عدتها، ثم رد على ابنك ماله، واخطب امرأتك وتزوجها».فقال له البهلول: «اسمع ما يقول لك».

أبو سنان: كان (٧٩) أسد إذا سرد أقوال العراقيين يقول مشايخ كانوا يجالسونه-ممن


(٧٤) هو معمر بن منصور. من أعلام المدرسة الحنفية القيروانية. (الطبقات ص ١١٢ - ١١٣).
(٧٥) ترجم أبو العرب لمحمد بن قادم وذكر روايته عن أسد. (الطبقات ص ١١٤) وترجم الخشني لأبي المنهال. (الطبقات ص ١٩١). أما محمد بن وهب فلم نقف له على ترجمة.
(٧٦) قارن برواية المدارك ٢٩٨: ٣.أما عبد الخالق المتعبد، فهو أبو خالد القتات. سيترجم له المالكي تحت رقم ١٢٢.
(٧٧) زيادة يقتضيها السياق.
(٧٨) أبو سنان زيد بن سنان الأسدي. من الآخذين عن أسد. سيترجم له المالكي تحت رقم ١٢٩.
(٧٩) الخبر في المدارك ٣٠٢: ٣ والمعالم ١٨: ٢.