للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال السقيفي (١٥): بلغني أن أبا محرز كان يوما عند أبي العباس وهو متّزر (١٦) فكأن أبا العباس وجد من ذلك.

وكان أبو محرز يوما عند أبي العباس بن إبراهيم بن الأغلب (١٧)، وعلى رأسه عبد له أسود. فقال أبو العباس: «يا أبا محرز، لو رأيت هذا وما يصنع في الغارات لرأيت عظيما» فقال أبو محرز: «إنه لا يعرف الله» فقال له أبو العباس: «وكيف ذلك؟ » فقال أبو محرز للعبد: «محمد النبي من الملائكة هو أم من الإنس؟ » فقال العبد: «هو ربي وربك! » فقال أبو محرز: «ربي وربك الله» ثم قال له: «قد أخبرتك أنه لا يعرف الله تعالى».

قال سليمان بن عمران: أخذ في زمن زيادة الله زنديق، فأرسل إلى أسد وأبي محرز وزكريا بن محمد-وكان من أصحاب مالك-يسألهم عن وجه الحكم فيه.

فقال أبو محرز: «يستتاب، فإن تاب وإلا قتل».ووافقه أسد. وقال زكريا بن محمد بن الحكم: «قد روى أهل العلم أنه من كان يظهر الإسلام واطّلع عليه بغير ذلك لم تقبل توبته».فقال أبو محرز: «فاعطه السيف ليقتله» قال: «إنما رويت هذا ولا آخذه» فقال له أبو محرز: «يا أحمق! أفتجرئ هذا على قتله، وأنت لا تأخذه؟ ».

فقال أسد: «لو قتل بعد توبته عندي لكان شهيدا» (١٨) قال: فدعا زيادة الله بالزنديق، فاستتابه فلم يتب، فضربت عنقه.

والصواب ما قاله زكريا (١٩): إنه لا تقبل توبته بعد القدرة عليه. لأن توبته لا تعرف حقيقتها، لأنه يمكن أن يكون إنما تاب فرارا من السيف، فلا يصح إيمانه إلا بيقين، كما إنه لا يصح كفره إلا بيقين. فإذا تاب قبل القدرة عليه قبلنا توبته،


(١٥) كذا في الأصل بقاف وفاء. وترجم الخشني (الطبقات ص ١٩٧) لأحد اعلام العراقيين وشيوخهم وسمّاه «محمد بن احمد الفارسي المعروف بابن السفيفي» بفاءين فلعله هو او من نفس العائلة. ويبدو ان تصحيفا حصل اما في مطبوعة الطبقات او في مخطوطة الرياض.
(١٦) في الأصل: وهو يزرى. ولعله مصحف عما أثبتنا.
(١٧) عبارة الأصل: وكان ابا العباس يوما عند ابن ابراهيم بن الاغلب وقد قومنا العبارة واصلحناها بما يوافق السياق ويقتضيه المعنى.
(١٨) كذا في الأصل. والمراد: لكان-عندي-شهيدا.
(١٩) ينظر تحليل للآراء في هذه المسألة: فتاوى شيخ الاسلام ابن تيمية ١١٠: ٣٥.