للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأول ونحن راغبون داعون لله عزّ وجل، وعيالنا وصبياننا كذلك، وأنت ترى غفلتنا اليوم وطول سهونا وقلّة تضرعنا، فأي الحالتين خير؟ » قال: فقلت في نفسي: «أنت في شيء والناس في غيره».

وذكر (٢٩) أن رجلا من الأندلسيين أتى إلى رباح فقال له: «يا أبا يزيد، إن سعيد/بن لبيد (٣٠) أخذ مني جارية لي».فأخذ رباح عصاه وانطلق معه إلى دار سعيد بن لبيد، فوجد جماعة من الناس قد حفوا ببابه ينتظرونه، فألقى عصاه بينهم وجلس حتى خرج سعيد راكبا من داره. فلما رآه من كان على بابه من تلك الجماعة، نهضوا على أقدامهم، وثبت رباح جالسا، فقصد إليه سعيد، ورباح جالس في مكانه، فأقبل سعيد يقول لرباح في الذين قاموا له: «[يا أبا يزيد] (٣١)، هؤلاء كلهم أبناء دنيا».فقال [له] (٣١) رباح: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم (٣٢): من أحب أن يتمثل له الرجال قياما على أقدامهم، فليتبوأ مقعده من النار».فقال له سعيد: «يا أبا يزيد، هل من حاجة؟ » فقال له رباح: «أردد على هذا الأندلسي جاريته».فصاح سعيد:

«جارية الأندلسي! » فأخرجت، فدفعها إلى مولاها.

وكان رحمه الله مستجاب الدعوة:

قال سعيد بن الحداد (٣٣): كان لرباح بن يزيد صديق كانت له بنت مقعدة سأله أن يزوجها له ففعل، فلما دخل عليها أخذ بيدها، وقال لها: «قومي بإذن الله» فقامت صحيحة تمشي. فمال إلى موضع في البيت فصلى فيه حتى أصبح، وخرج وخلى سبيلها وإنما كان به إلى النكاح الدعوة لها (٣٤).

ومما يقوي هذه الحكاية ما ذكر أن عبد الله بن المبارك مر برجل قد أقعد من ركبتيه، ثم مر به مرة أخرى وقد أطلق وهو يمشي صحيحا فقال له ابن المبارك:

«أعرفك وقد أقعدت، وأراك صحيحا تمشي، فكيف كان أمرك؟ » فقال له الذي


(٢٩) الخبر في الطبقات ص ٤٥ - ٤٦ والمعالم ٢٥٨: ١ - ٢٥٩.
(٣٠) في الأصل: بن حميد. وسيذكره قريبا باسم: بن أسد. وينظر تعليقنا على الترجمة رقم ٧٨.
(٣١) زيادة من الطبقات.
(٣٢) تقدّم تخريجنا لهذا الحديث.
(٣٣) الخبر في المعالم ٢٥٦: ١.
(٣٤) كذا جاءت هذه العبارة في الأصل. وهي في المعالم بصيغة أوضح.