للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأن الله تعالى يرى يوم القيامة؟ وأنه (عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى)؟ ولا تخرج على الأئمة بالسيف وإن جاروا؟ » قال: «إي والله الذي لا إله إلا هو».فضرب سحنون بيديه على ضبعيه وقال له: «مت إذا شئت، مت إذا شئت»، ثم خرج عنه».

حدث فرات بن محمد العبدي، قال (١٨٥): حدثت عن سحنون أنه قال لابنه محمد: «يا بني، سلم على الناس، فإن السلام عليهم يزرع المودة في قلوبهم، وسلم على عدوك، فإن رأس الإيمان بالله مداراة الناس».

وكان سحنون يقول (١٨٦): «ليس للأمور (١٨٧) بصاحب من لم ينظر لها في العواقب».

وحدث أبو محمد بن معاوية، قال (١٨٨): حضرت سحنونا، وكان ينهى الطلبة عن الجلوس في موضع الطريق لخروج أهل الدار إلى حوائجهم، فجلست يوما في الطريق لضيق الموضع، فجاءه حمل طعام من البادية، فنظر إليّ وقال لي: «قم من الطريق».فلم أقدر أن أقوم، فقال: «قد جاءنا رزق، فمن أين يدخل إلينا إذا قعدتم لنا في الطريق؟ ».ثم تخطاني وجاز، ثم نظر إلينا ثم قال: «قد نهيتكم غير مرة أن تقعدوا في الطريق»، وضاق علينا وقال: «إنما غايتكم أن أحتاج إلى هؤلاء! » - وأومأ إلى السلطان- «فإذا أخذنا منهم فما تصنعون بكتبكم هذه؟ ارموها في ذلك الماء» وأشار إلى ماء بين يديه. فلما كان من الغد خرج علينا وعلى يده الكتب للسماع، فلما قعد في موضعه (١٨٩) أخذ الكتاب ليقرأ، فلما قرأ «بسم الله الرحمن الرحيم» وضع الكتاب من يده ثم تبسم قليلا ثم قال: «كبرنا وساءت أخلاقنا! ويعلم الله ما أصيح عليكم إلا لأؤدبكم، وما أريد بكم-يعلم الله-مكروها، ألا إنّا ابتلينا عند الكبر و [نحن] (١٩٠) أحوج ما كنا إلى أنفسنا» -كأنه يريد أن يعتذر بما ابتلى به من أمر القضاء- «وما أريد إلا لترعووا (١٩١) وتفقهوا وتعملوا بما سمعتم».


(١٨٥) النصّ في المدارك ٧٤: ٤ وأسنده عياض عن ابن اللباد.
(١٨٦) القول في المدارك ٨٠: ٤.
(١٨٧) في الأصل: الأمور. والمثبت من المدارك.
(١٨٨) الخبر انفرد به المالكي. ولم نعثر على اسم هذا الراوي في تلامذة سحنون.
(١٨٩) في الأصل: موضع.
(١٩٠) زيادة للسياق.
(١٩١) من قولهم: ارعوى عن الجهل: نزع عنه وحسن رجوعه. (القاموس: رعو).