للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وركب وجمع جنده حوله، وركب أحمد القاضي معه يحادثه ولا يدري أين يتوجه الأمير، حتى دخل من «باب أبي الربيع».ووقف على باب المسجد المعروف «بمسجد المقرعة» (٢٠) بالقرب من الجامع، فقال لأحمد: «أين الدار التي أمرت بطبعها؟ » فقال: «هذه هي» فقال: «اجعل عليها طابعا» ففعل ذلك، وختم بطابع الأمير زيادة الله، ثم عطف على أحمد فقال: «إنّا نرضيك يا قاضي».

فلما سمع عليّ بن حميد بذلك (٢١) ومجيء الأمير ووقوفه «بالسماط‍ الأعظم» خرج راجلا حتى أتاه، فكان من زيادة الله إلى عليّ كلام خشن، وقال له في كلامه:

«والله لولا واجب قديم صحبتك ما جعلت طابعه إلا على رأس من حلّه! من تنقّص قاضيّ فإنما تنقّصني وحلّ من أمري».ثم رجع الأمير زيادة الله إلى قصره، فكان من ذلك بالقيروان رجة عظيمة. وتبرّأ عليّ بن حميد من ذلك الرجل وودّ لو أن حياته انقضت قبل ذلك.

وجرى مثل ذلك غير ما مرة، فرحمة الله تعالى ورضوانه على الأمير وعلى قاضيه.

وكان (٢٢) زيادة الله يقول: «ما أبالي، إن شاء الله، ما (٢٣) قدمت عليه يوم القيامة وقد قدّمت أربعة قبل وفاتي»، قيل: «وما هي؟ » قال: «بنائي المسجد الجامع بالقيروان، أنفقت فيه ستة وثمانين ألف دينار، وبنائي «القنطرة» «بباب أبي الربيع»، وبنائي «الحصن بسوسة» (٢٤)، وتوليتي أحمد بن أبي محرز قضاء إفريقية».

وسمع ابن زرقون (٢٥) يحكي: أنه تخاصم رجل أبزاري مع رجل آخر عند أحمد بن


(٢٠) في (م): مسجد المفرعة، بالفاء. والراجح ان صوابه بالقاف كما في النصّ ولعله نسب إلى أبي جعفر أحمد بن منصور، مولى بني تميم المؤدب المعروف بالمقرعة الغاسل. غلب عليه لقبه ونسب اليه لتوليه تعليم القرآن فيه. ينظر: النقائش العربية القيروانية ٢٠٧: ٢، البيان المغرب ١٨٣: ١.
(٢١) في الأصل: ذلك. وعبارة (م) والمعالم: فلما سمع علي بن حميد بزيادة الله ووقوفه
(٢٢) النصّ في المعالم ٤١: ٢ (ط‍ ثانية) ٢٧: ٢ (ط‍ أولى)، والبيان المغرب ١٠٦: ١.
(٢٣) كذا في الأصول. وهو موافق لرواية المعالم والبيان. أمّا ما أضافه ناشر الطبعة السابقة فلا داعي له، والغريب أن ناشر الطبعة الثانية من المعالم تابعه على ذلك.
(٢٤) هو قصر الرباط‍ بسوسة، تراجع الدراسة المفصّلة التي كتبها عنه الأثري المعروف اسكندر ليزين. Alexandre Luzine.Le Rabat de Sousse.Tunis.I.N.A.A.١٩٥٣.
(٢٥) النصّ في المعالم ٤٤: ٢.وأسنده عن محمد بن زرقون.