للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أصلحك الله؟ » قال: «كانت شدة وأزمة عظيمة، وضاق بنا الحال، فبلغني أن رجلا من أشراف مهرة عنده طعام كثير يصل منه ويعطي»، قال: «فحسن عندي [المسير إليه] (٢٢)، فركبت دابتي ومضيت حتى وصلت منزله، فوجدته جالسا في مسجده وعنده جماعة من الناس: مشترون (٢٣) وغيرهم. [فسلّمت عليه] (٢٢) وجلست ثم عرّفته بنفسي، فلم يكن منه انشراح يرضيني، فصلى المغرب ثم دخل منزله، ثم خرج فصلّى بنا العشاء الآخرة، ثم دخل فلم نشعر إلا بالموائد [قد] (٢٢) نصبت للناس، فأكلنا، ثم أمر من أعلف (٢٤) دوابنا. فلما كان آخر الليل سمعت حركة الناس للإدلاج، فإذا بغلام ينبهني، فقلت: «ما بالك (٢٥)؟ [فقال: قم] (٢٦)، إن الناس راحلون» فامتنعت، فقال لي: [يا هذا] (٢٦) «بهذا أمرني مولاي» فقدّم إليّ دابتي، فركبت وأنا من أكثر الناس هما، وجعلت أقول في نفسي: «هذا الكذا، لم يلق [لي] (٢٦) بالا ولا اكترث بقدومي عليه! » وندمت على إتياني إليه. ومضى الغلام معي حتى لقينا الناس، فقال لبعض أهل الرفقة: «هذا الرجل» ثم قال لي: «إن مولاي احتشم منك ومن لقائك والاجتماع معك والاستماع لمحادثتك إذ لم يستقبلك بما يجب لك» (٢٧) فزادني ذلك غما، فقال لي الرجل الذي جمع الغلام بيني وبينه: «هل أصلحت موضعا؟ » قلت: «لماذا؟ » قال: «هذه العشرون جملا محملة طعاما كلها لك» فسري عنّي وسررت سرورا كثيرا. وكان القمح في ذلك [الوقت] (٢٦) القفيز بدنانير كثيرة. وأقبلت وأنا أفكر فيما أبيع منه وما أبقي، وكيف أصنع، [وأنا] (٢٦) في سرور عظيم. فبينا أنا على ذلك إذا بقوم محاربين قد خرجوا علينا وأحاطوا بنا وأخذوا كل شيء كان معنا، وعرّونا من ثيابنا، وأخذوا دوابنا، وكتفت فيمن كتف، فما مر عليّ غم مثله. فبينا أنا على ذلك، وكانت ليلة مقمرة، إذ مرّ بي أحد السلاّبة، فنظر إليّ وتأملني ثم قال لي: «من أنت؟ » قلت: «أنا أبو الوليد المهري» فطأطأ عليّ وقبّل رأسي وعانقني، ثم مضى [عنّي] (٢٦) مسرعا، ثم أتى بأصحابه وهو يقول لهم:


(٢٣) في الأصل بدون اعجام. والاعجام من (م). وقرأها ناشر الطبعة السابقة: مستورون.
(٢٤) في (م): علف. وهو بمعنى واحد.
(٢٥) في (م): مالك.
(٢٦) زيادة من (م).
(٢٧) عبارة (م): ان مولاي فارح بلقائك والاستماع لحديثك، .وهو متأسف اذ لم يستقبك بما يجب لك.