للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلى أن مررنا بالجزارين، فقام إليه رجل منهم فقال: «يا أبا الوليد، أضررت بي، لأن بضاعتي كلها عندك، ولا بد لي من أداء مالي قبلك! » فاعتذر إليه وسأله الصبر، فأبى عليه، فمرّ بنا رجل فقال للجزار: «كم لك على الشيخ؟ » قال:

«عشرة دنانير» قال: «هي لك عليّ، امض معي حتى أدفعها لك» فمضى معه فدفع (١٣) إليه الدنانير. وظننت أنا أنه من إخوان المهري، وظن المهري أنه من أجلي فعل ذلك به، فلما سرنا قال لي (١٤) المهري: «الرجل الذي ودّى عنّي الدنانير من هو؟ » فقلت: «لا أعرفه، ولكن أسأل عنه»، فسألت فإذا هو رجل عطار» (١٥).

قال: «وكان الناس من تعظيم أهل العلم [والأدب على] (١٦) خلاف ما هم عليه اليوم.

[قال صاحب الكتاب] (١٧) ولقد تذكرت بهذه الحكاية حكاية أخبرني بها بعض المشايخ، قال: «كان شيخ له أدب وعقل، وكان يأتي إلى «زقاق الفرانين» بقرب «السماط‍» فيجلس مع قوم، وكان أكثرهم من أهل العلم. فأبطأ عليهم أياما، فمضوا إليه يتعرفون (١٨) أحواله، فسألوه عما أخره عنهم فأعلمهم أن حماره الذي كان ينصرف عليه أصيب به، فأصبح (١٩) كل واحد منهم-من غير أن يعلم صاحبه-فاشترى له حمارا بسرجه ولجامه، وكانوا جماعة، فأصبح على بابه نحو من أربعين [حمارا] (٢٠).

قال المهري (٢١): «اغتممت ليلة غما ما مرّ بي مثله، ثم سررت سرورا ما سررت مثله، ثم اغتممت» [كذلك، ثم سررت كذلك] (٢٢)، فقيل له: «وكيف ذلك،


= الحسن بن محمد التميمي العنبري، من تلاميذ المهري. توفي سنة ٣٤٣، طبقات اللغويين ص ٢٦٧ - ٢٦٨).
(١٣) في الأصل: فدفعها.
(١٤) تكررت هنا في الأصل عبارة: «الرجل الذي عني الد نانير وظننت انه من اخوان المهري وظن المهري انه من اجلي، فقال لي».فرأينا حذفها والاستغناء عنها.
(١٥) كذا في الأصول. وفي طبقات اللغويين والانباه: فاذا هو رومي من أهل العطارين.
(١٦) زيادة من (م) وطبقات اللغويين والانباه.
(١٧) زيادة من (م).
(١٨) في الأصل: يتعرفوا. وفي (م): ليعرفوا حاله.
(١٩) في الأصل: وأصبح. والمثبت من (م).
(٢٠) زيادة من (م).
(٢١) الخبر لم يرد في غير الرياض.
(٢٢) زيادة من (م).